انعقد مؤتمر القمة العربية يوم 2010-3-27 في مدينة سرت الليبية، للتداول حول النشاطات الاستيطانية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس الفلسطينية، وقد جاء ذلك في سياق تحدي إسرائيل للعرب وللأسرة الدولية، وخصوصاً الولايات المتحدة ورئيسها أوباما. وخلال القمة جرى بثّ بعض الكلمات، التي ألقاها عدد من الحكام العرب. وإذا كنّا ندرك أن قلة من الحكام المذكورين هم الذين ألقوا الكلمات المعنية بحيث لا نجد أنفسنا أمام لوحة تغطي غالب الموقف العربي الراهن، إلا أن هنالك من المسوغات ما يتيح لنا أن ننظر إلى ذلك بمثابته تعبيراً عن أهم الدلالات، التي ينطوي عليها الخطاب السياسي العربي حيال القضية الفلسطينية عموماً، وحيال أحد أوجهها الراهنة بكيفية خاصة، نعني بذلك المتصل بالنشاطات الاستيطانية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي بحزم وتحدٍ للجميع. من تلك الوضعية الجزئية المتمثلة بالكلمات المذكورة التي ألقيت، نسوق التساؤل التالي برسم ما كتبه مرة المستشرق برنارد لويس، وليس حول مفهوم الحركة السياسية المعارضِة، كما تجلت -برأيه- في التاريخ السياسي الإسلامي، مع سحْب ذلك على التاريخ السياسي العربي المتقاطع مع هذا الأخير ضمن العلاقة النّسبية بين الإسلام والعروبة. كتب المستشرق المذكور في الكتاب المشار إليه سابقاً (لغة الإسلام السياسي) بأن "المسلمين -العرب- الطامحين للسلطة، يتحركون داخلياً أكثر مما يتحركون تصاعدياً. والمسلمون -العرب- الثائرون ينسحبون من النظام القائم أكثر مما ينهضون ضده". فإذا صح قول "لويس" ذلك، فما الوجهة المحتملة، التي قد تقود مؤتمر القمة العربية المنوه به، وتطبعه -في نتائجها- بطابعه؟ إن ما قد يتمخض عنه هنا المؤتمر لا نسعى إلى اشتقاقه من "بنية فطرية أصلية" للعرب والمسلمين، وربما كذلك للشرقيين عامة، وإنما نحاول ضبطه واستخلاصه من الوضعية التاريخية العربية، التي تبلورت وأفصحت عن نفسها، ربما منذ سقوط مشروع أولئك النهضوي. فهذا الأخير الذي دلّل على حضوره واحتمالات تطوره مع أواخر القرن الثامن عشر، أي قبل تدخّل الغرب الاستثماري في مقدرات ذلك الشرق، العربي الإسلامي من ضمنه، سيتعين عليه أن يتساقط بصيغة التشظي وعبر تجليات متعددة: مشروع بَزْمان البريطاني لإعادة شباب الاستعمار البريطاني، ومن خلال دقّ إسفين بين آسيا العربية وأفريقيا العربية، واتفاقية سايكس بيكو، ووعد بلفور، ونكبة 1948 وهزيمة 1967، وحروب العراق والكويت، وثانية العراق ولبنان إلى الآن. ومن ثم، ما مدى مصداقية ما قدمه برنارد لويس؟ وهكذا ما الجديد المحتمل، الآن، بعد تفجر الثروات والنفط، وولادة نظم عربية متأسسة على الاستئثار بالسلطة والإعلام والحقيقة، وما موقع القدس هنا؟