دعوة لتدشين صندوق نقد أوروبي...ومأساة هايتي تتفاقم أزمة اليونان الاقتصادية تضع الاتحاد الأوروبي في ورطة، و"جوجل" تدافع عن الحريات على حساب مصالحها التجارية، وأوباما يدفع باكستان في الاتجاه الصحيح، ومأساة هايتي تزداد تعقيداً...موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. صندوق نقد أوروبي تحت عنوان "أزمة الديون اليونانية ...هل توحد أوروبا؟"، نشرت "كريستيان ساينس مونيتور" يوم الأربعاء الماضي افتتاحية رأت خلالها أن الأوروبيين يناقشون تدشين صندوق نقد أوروبي، أي إيجاد نسخة أوروبية من صندوق النقد الدولي، من خلالها يمكن التعامل مع مشكلات كتلك التي ألمت باليونان...الموافقة على فكرة من هذا النوع ستكون اختباراً للوحدة الأوروبية. الصحيفة طرحت تساؤلات منها: ماذا بعد أزمة الديون اليونانية؟ كيف يصبح بمقدور أوروبا التعامل مع مشكلات اقتصادية أخرى محتملة تصيب بلدان أعضاء في "اليورو"كالبرتغال على سبيل المثال؟ وماذا عن إسبانيا وإيطاليا اللتين تنفقان بكثافة وبطريقة قد تعرض استقرار اليورو للخطر؟ هذه الأسئلة ليست مجرد استفسارات مالية واقتصادية، لأن حالة عدم التأكد تجاه قدرة اليونان على سداد ديونها، وهي حالة امتدت إلى البرتغال، أدت خلال الشهور العشرة الماضية إلى تراجع "اليورو" أمام الدولار. انخفاض العملة الأوروبية الموحدة، قد يكون مفيداً لبعض الدول الأعضاء في "الاتحاد"، حيث ستصبح صادراتها رخيصة مما يشجع المستهلكين خارج أوروبا على شراء المنتجات الأوروبية، على سبيل المثال سيقبل الأميركيون على شراء المزيد من سيارات "فولكسفاجن"، لكن ستكون الواردات الأوروبية غالية الثمن، كالنفط مثلا، وكلما ارتفعت أسعار الفائدة، بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط، كلما تباطئ نمو الاقتصاد الأوروبي في الوقت الذي تسعى فيه البلدان الأوروبية إلى التعافي الاقتصادي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدم الاستقرار المالي داخل منطقة "اليورو" سيضعف الوحدة الأوروبية، التي تعد تجربة عظيمة تحققت في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، خاصة بعد إصدار العملة الموحدة "اليورو" التي سهلت السفر والتجارة والعمل في الاتحاد الأوروبي، كما أن الدول الأعضاء في “اليورو” حصلت على مكاسب دون أن تنتقص سيادتها الوطنية، لذا من المفترض أن تسيطر هذه الدول على ديونها كي تظل العملة الأوروبية الموحدة قوية. الصحيفة رأت أن فكرة تدشين صندوق نقد أوروبي لعلاج المشكلات التي تواجه دول الاتحاد الأوروبي ستكون مبادرة تغيير هي الأكبر منذ ظهور "اليورو"، فبالإمكان- عبر هذا الصندوق- تقوية "اليورو" من خلال الرقابة على الأوضاع المالية للدول الأعضاء وإنقاذ البلدان من أزماتها المالية عند الضرورة، وسيكون الصندوق أداة لحل المشكلات الأوروبية داخل القارة العجوز. لكن ما يثير الاستغراب هو أن الدول الأوروبية لم تتفق على طريقة لدعم اليونان مالياً، وألمانيا أبدت استيائها من محاولة إنقاذ بلد أقل نظاماً منها، معتقدة أن صندوق النقد الدولي يجب أن يكون الملاذ الأخير أمام أثينا...صحيح أن "النقد الدولي" قادر على اتخاذ خطوة تجاه اليونان، لكن آخرين يرون أن على أوروبا حل مشكلاتها، وأنه من الإهانة التوجه إلى صندوق النقد الدولي لحل مشكلة أوروبية. جوجل والصين يوم الخميس الماضي، خصصت "واشنطن بوست" إحدى افتتاحياتها، لرصد مستجدات الصراع الدائر بين جوجل والحكومة الصينية. الصحيفة قالت: ليس معتاداً أن تضحى شركة متعددة الجنسيات بأرباحها وإمكانية نموها مقابل احترام مبدأ من مبادئ حقوق الإنسان. مناسبة هذا الكلام تكمن في قرار يستحق المدح، اتخذته "جوجل"، يقضي بنقل محرك بحثها الموجود في الصين إلى هونج كونج، كي تنهي الرقابة التي طالت البحث على هذا المحرك...هذه الخطوة لا تعني أن المتصفح الصيني على محرك "جوجل" سيكون قادراً على مطالعة أشياء تتعلق بأحداث ميدان "تياننمان" أو مشكلة التبت، ذلك لأن بكين دشنت "جدراناً نارية" لمراقبة محتوى النصوص المنشورة على موقع google.cn ... الصحيفة تقول إن جوجل نفسها لم تعد منخرطة في محاولات قمع الحريات على الإنترنت نيابة عن الحكومات المتسلطة... وبهذه ضربت "جوجل"مثالاً يمكن للشركات الأميركية الأخرى الاحتذاء به، وفي الوقت نفسه ينبغي على الرئيس أوباما الدفاع عنه... لكن ما هو الثمن الذي يتعين على "جوجل" دفعه من أجل هذا القرار؟ إنها اختارت الاستمرار في تقديم خدمات أخرى- داخل الصين- غير البحث، كعرض الخرائط والموسيقى، وتركت الشركة فريق البحث والتطوير والمبيعات كما هو في بكين، لكن رد الفعل الصيني الغاضب ربما يتمثل في خطوات أكثر من مجرد فرض رقابة على محتويات محرك البحث الذي انتقل إلى هونج كونج...فبمقدور الصين فرض حظر كامل على الموقع، وهي خطوة طبقتها بكين مع موقع Facebook و You TubeوTwitter، وربما تُقدم بكين على إلغاء فروع وعمليات "جوجل" في الصين. وثمة كلام عن عزم شركات المحمول الصينية إسقاط "جوجل" من أنظمة التشغيل الجديدة التي تستخدمها، لذا ينبغي على إدارة أوباما التحرك ضد هذه العقوبات المحتملة... هذه الإدارة تتبنى خطاباً قوياً تجاه دعم الحرية على الإنترنت، لكنها ضعيفة نسبياً في تفعيل هذا الخطاب على أرض الواقع، فمثلا، على إدارة أوباما الاعتراف بأن استبعاد جوجل وشركات أميركية أخرى عاملة في مجال الإنترنت، من العمل داخل السوق الصينية يُعد ممارسة تجارية غير عادلة. العقدة الباكستانية اختارت "واشنطن بوست" هذه العبارة عنواناً لافتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي. الصحيفة قالت إن تعقيدات العلاقة الأميركية- الباكستانية ظهرت بوضوح خلال الشهر الماضي، عندما تم القبض في باكستان على "عبدالغني بارادار" القيادي في حركة "طالبان"، وهذا يُعتبر دليل على تغيير إسلام آباد لموقفها الرافض لاستهداف عناصر "طالبان" داخل الأراضي الباكستانية. من ناحية أخرى يعتقد الرئيس الأفغاني أن باكستان تنوي التشويش على محادثات سلام سرية كانت ستجرى بين الحكومة الأفغانية و"بارادار". الصحيفة استنتجت أن أوباما اتخذ خطوات إيجابية نحو دفع باكستان في الاتجاه الصحيح، وكسب تعاونها في الساحة الأفغانية سواء بالقبض على قيادات "طالبان" أو إقناعهم بالقبول بتسوية سياسية أفغانية. البؤس في هايتي تحت هذا العنوان، نشرت "نيويورك تايمز" يوم أمس افتتاحية استنتجت خلالها أن حالة الطوارئ في هايتي لم تنته بعد، بل إن الأمور ازدادت سوءاً، في وقت يتراجع الاهتمام العالمي بالمأساة الحاصلة في هذا البلد بعد زلزال 12 يناير الماضي الذي ضربه. البؤس يتفشى كالحمة في مئات من المعسكرات التي تأوي مئات الآلاف من المشردين البالغ عددهم 1.3 مليون نسمة. الأمطار الموسمية، التي من المتوقع أن تصل إلى ذروتها في مايو المقبل، اكتسحت خيام المشردين، وتحولت بعض المناطق إلى بحيرات من الطين تجعل من الصعب أو المستحيل طهي الطعام أو غسل الملابس أو تفادي الإصابة بالأمراض... وعلى صعيد آخر تتفاقم جرائم الاغتصاب داخل المعسكرات، فبعد حلول الظلام يترك النساء والبنات بلا حماية...وثمة تقرير لمنظمة العفو الدولية، يشير إلى تردي الحالة الأمنية، وغياب عناصر الجيش والشرطة، ويلفت التقرير إلى صمت ضحايا الاغتصاب، لأن مرتكبي هذه الجريمة لا يتم إلقاء القبض عليهم ومن ثم لا يخضعون للعدالة، كما أن عناصر الشرطة تركز على مشكلات أخرى. غياب الأمن والافتقار إلى المأوى أزمتان تتطلبان استجابة سريعة، وضمن هذا الإطار قدمت إحدى مجموعات الإغاثة "كشافات" للسيدات والبنات لحمايتهن من الاغتصاب. حكومة هايتي الآن بالتحضير لمؤتمر المانحين الدوليين المقرر عقده في نيويورك نهاية الشهر الجاري، فلابد من البحث عن وسائل جديدة لحل المشكلات بأقصى سرعة، لأن هايتي باتت مهددة بأن تصبح مشروعاً منسياً لن يكتمل إنجازه أبداً. إعداد: طه حسيب