إعلان وزارة التربية، مؤخراً، توجّهها إلى إدراج "درجة" التربية الرياضية ضمن درجات التقويم المدرسي، يعدّ خطوة إيجابية نحو الاهتمام بالرياضة المدرسيّة، وتشجيع الطلبة على ممارسة النشاط البدني والألعاب الرياضية المختلفة، بعد أن شهدت الآونة الأخيرة تراجعاً في الاهتمام بحصص الرياضة، نتيجة لقيام بعض المدارس بإلغاء هذه الحصص، أو نقلها إلى نهاية الدوام. إدراج التربية الرياضية ضمن درجات التقويم المدرسي فوق أنه سيكون حافزاً إلى تشجيع الطلبة على الاهتمام بالرياضة وممارساتها، وتحصيل درجاتها ضمن التقويم الشامل، فإنه، بلاشك، ينطوي على مردودات إيجابية مهمة، تنعكس بشكل عام على المجتمع. أحد الجوانب الإيجابية لهذا التوجه أنه لا ينفصل عن العمليتين التعليمية والتربوية، حيث تشير الدراسات العلمية في هذا الشأن إلى أن ممارسة الأنشطة الرياضية تزيد من قدرة الطلاب على التعلم، وذلك من خلال تأثيراتها في قدراتهم العقلية، ومن ثم قدرتهم على التحصيل الدراسي، كما أن الطلاب الذين يمارسون الرياضة هم أكثر فرصة للاستمرار في الدراسة والتفوق الدراسي وبلوغ أعلى المستويات الأكاديمية. المردود الإيجابي الثاني هو أن ممارسة الرياضة بشكل منتظم في المدارس تسهم في اكتشاف المواهب الرياضية وإعدادها في الألعاب المختلفة، والعمل على صقلها، بالشكل الذي قد تتحوّل معه إلى روافد لإمداد المنتخبات الوطنية المختلفة بعناصر متميزة ترفع اسم الدولة في المجالات الرياضية كافة محلياً وعربياً وعالمياً. المردود الإيجابي الثالث يتعلق بالمزايا الصحية والجسمانية التي ترتبط بممارسة الرياضة، حيث تحذّر الإحصاءات والتقديرات الرسمية من المخاطر الصحية الناتجة عن ضعف الإقبال على ممارسة الرياضة لدى الصغار، إذ إن أكثر من 26% من أطفال الإمارات، الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 سنة يعانون السمنة، وزيادة في الوزن بسبب قلة الحركة. والأمر الذي لاشك فيه أن تدريب الطلاب وتنشئتهم على ممارسة الرياضة منذ الصغر سيكون لهما الأثر الفعال في مواجهة مثل هذه الأمراض، ليس هذا وحسب، بل إنه سيكون لهما المردود الاقتصادي المهم، كون السمنة وما ينتج عنها من أمراض تحمّل ميزانية الدولة والأسر العائلة أموالاً ضخمة لعلاجها. المردود الإيجابي الرابع يتعلق بالأثرين الاجتماعي والنفسي، فتنشئة الطلاب على اللعب الجماعي والألعاب الرياضية، وغيرها من الأنشطة البدنية، تتيح الفرصة لهم للتعبير عن أنفسهم، والتفاعل مع المجتمع والاندماج فيه، ومن ثم الانخراط في قضاياه بشكل أكثر فاعلية، والأهم أنه قد يشكّل حائط الصدّ أمامهم عن الانخراط في بعض الظواهر المرَضية، حيث تشير الدراسات المتخصصة في هذا السياق إلى أن الطلاب الذين يشاركون في المسابقات الرياضية بين المدارس أقل عرضة لممارسة بعض العادات غير الصحية كالتدخين أو تعاطي المخدرات، وهذا الأمر ينطوي على قدر كبير من الأهمية، خاصة إذا ما تمّ الأخذ في الاعتبار ما يحيط بهؤلاء من ظروف تهيّئ لهم أسباب الفساد والانحراف إذا لم يجدوا الإطار الصحيح الذي يمكنهم من خلاله أن يوظِّفوا طاقاتهم في عمل مفيد. إن الاهتمام بالرياضة داخل مدارسنا، وغرس حب الرياضة في نفوس الطلاب، يجعلان التأثير فيهم وتشكيل توجهاتهم في سنّ باكرة أمراً سهلاً وممكناً، وهذا يمكن توظيفه في استيعاب هؤلاء الشباب وتوجيههم إلى مجالات أخرى تخدم المجتمع. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية