في كلمة سموه بمناسبة اليوم الوطنيّ الثامن والثلاثين لدولة الإمارات العربيّة المتحدة، دعا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله إلى "إحياء الممارسات الإماراتيّة الأصيلة، وعلى رأسها تعزيز التلاحم المجتمعي بما يرسّخ قيم التماسك الأسري والتكافل الاجتماعي والشراكة المجتمعيّة". وفي يناير 2010 ثمّن مجلس الوزراء في اجتماعه برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، دعوة صاحب السمو رئيس الدولة، مشيراً إلى أنها تعكس الرؤية القياديّة المتكاملة لسموه، وقرّر المجلس تشكيل لجنة وزارية عليا مهمّتها وضع هذه الدعوة موضع التنفيذ، وذلك من خلال العديد من الآليّات أهمها تنسيق الجهود الاجتماعيّة على المستويين الحكومي والأهلي، وعلى مستوى القطاع الخاص، من أجل إطلاق المبادرات الخاصّة بترسيخ مفهوم الترابط الأسري والتعاضد الاجتماعي بين مختلف شرائح المجتمع. ومؤخراً عقدت اللجنة اجتماعها الأول، حيث قرّرت تشكيل فريق من المديرين التنفيذيين في الوزارات المختلفة لمراجعة خطّة العمل، واقتراح أي تعديلات تسهّل عملية تنفيذ دعوة صاحب السمو رئيس الدولة على أرض الواقع ضمن إطار يحقّق أكبر مشاركة ممكنة من مختلف شرائح المجتمع الإماراتي ومؤسساته الخاصة والعامة. لقد لقيت الدعوة إلى تعزيز التلاحم المجتمعي اهتماماً وتجاوباً واضحَين من مختلف فئات المجتمع الإماراتي، وصادفت رغبة قويّة من المواطنين والمواطنات، ووسط مختلف شرائح المجتمع، وكذلك مؤسسات التنشئة الاجتماعيّة والتربويّة بمختلف مجالات عملها، وذلك في ظل التهديدات الآنيّة والمحتملة التي تحيط بمنظومة القيم الإماراتيّة الأصيلة التي تسهم في تحقيق الاستقرار في المجتمع وتحصّنه ثقافياً وحضارياً في مواجهة أيّ تحولات أو تهديدات، وفي مقدّمة هذه القيم التلاحم والتضامن والتكاتف الاجتماعي. إن مؤسسات المجتمع الإماراتي كلّها، عامة أو خاصة أو أهلية، مدعوّة إلى المشاركة والتفاعل بجدّية مع دعوة صاحب السمو رئيس الدولة، سواء من خلال اللجنة الوزارية العليا المشكّلة لهذا الغرض، أو عبر أطر ومسارات أخرى مختلفة ترى أيّ من هذه المؤسسات والجهات أنها تحقق الهدف نفسه وتصبّ في اتجاهه، لأن تحقيق هدف التلاحم الوطني والمجتمعي يحتاج إلى تضافر جهود جهات عديدة وإمكاناتها. هناك حرص قويّ من قيادتنا الرشيدة على صيانة التراث والتقاليد الإماراتيّة الإيجابيّة التي يمكن أن تدعم عملية التنمية المستدامة والمتكاملة، وذلك من منطلق إدراك عميق لحقيقة أن التحديث لا يعني التخلّي عن الأصالة، وأن التوجّه إلى المستقبل ليس معناه طيّ صفحة الماضي. ففي التراث الكثير من القيم التي من المهمّ المحافظة عليها، لأنها قيم تنموية راقية يبدو مجتمعنا في حاجة ماسّة إلى تكريسها والحيلولة دون تلاشيها في ظل المتغيّرات والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي شهدها خلال السنوات الماضية. إن كثيراً من الظواهر السلبيّة التي بدأت تظهر في المجتمع خلال الفترة الأخيرة، وآخرها ظاهرة عنف المراهقين أو الأحداث، هي عرَض لتحولات سلبيّة ناتجة عن التهديدات التي تتعرّض لها منظومة القيم الإماراتية، ولذلك فإن إعادة الاعتبار إلى هذه المنظومة عبر شراكة مجتمعيّة شاملة، تمثل أولوية قصوى، ومن هنا تأتي الأهمية الاستثنائية لدعوة صاحب السمو رئيس الدولة، وتأتي كذلك أهميّة الإجراءات والخطوات التي تمت حتى الآن للتعامل معها ووضعها موضع التنفيذ.