تذبذب كندي تجاه الاستيطان... ونفوذ صيني في "الجمهوريات السوفييتية" ما هي حقيقة الموقف الكندي من الاستيطان الإسرائيلي في القدس الشرقية؟ وهل تغيرت أولويات الميزانية الدفاعية في بريطانيا؟ ولماذا أصبحت أوكرانيا هدفاً للنفوذ الصيني؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن جولة سريعة في الصحافة الدولية ضبابية كندية تحت عنوان "ضبابية هاربر في الشرق الأوسط"، نشرت "تورونتو ستار" الكندية يوم الخميس الماضي افتتاحية قالت خلالها إنه إذا أراد رئيس الوزراء الكندي "ستيفن هاربر" توبيخ الحكومة الإسرائيلية بسبب توسيع المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية، وهو موقف أقدمت عليه واشنطن وغيرها، فلماذا لا يتحدث بلغة واضحة عن هذه المشكلة؟ الصحيفة تقول إن "هاربر " اختار لغة سياسية مشوشة يبدو خلالها أنه يفضل موقف إدارة أوباما، وفي الوقت نفسه لا يغضب نتنياهو، وفي ظل هذه الضبابية، من الصعب معرفة الموقف الحقيقي لحكومة "المحافظين" الكندية تجاه ما يجري في الشرق الأوسط، خاصة بعدما أعلنت تل أبيب يوم 9 مارس الجاري عزمها بناء 1600 وحدة سكنية للمستوطنين اليهود في القدس الشرقية، وذلك بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأميركي لتل أبيب، علما بأن أوباما طالب الحكومة الإسرائيلية بألا تقدم على هكذا خطوة. لكن ماذا عن رد فعل أوتاوا؟ بالكاد أعلن "لورانس كانون" وزير الخارجية الكندي يوم الخميس قبل الماضي عن "أسفه" و"قلقه"، ولا مفاجأة في ذلك في ظل موقف "هاربر" الداعم لإسرائيل. ورغم ذلك، وفي يوم 11مارس قال "كانون" أمام مجلس "العموم " الكندي: (نشعر بأن الخطوة الإسرائيلية تتناقض مع القانون الدولي، ومن ثم نحن ندينها"...هذا الموقف يبدو شبيها برد الفعل الأميركي الغاضب. لكن في اليوم نفسه لم يدعم "هاربر" موقف "كانون" في البرلمان وذلك أثناء الإجابة على تساؤلات وجهت لرئيس الوزراء الكندي، حيث أشار إلى أن موقف بلاده معروف وأنه يأمل في استئناف محادثات السلام. الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة أدانوا بناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقية، وحتى إيهود باراك زعيم حزب "العمل" الإسرائيلي والذي يشغل حقيبة الدفاع في حكومة نتنياهو يرفض هذا الاستيطان قائلاً إنه "غير ضروري ومدمر"، ورغم هذا كله يتخذ ساسة كندا مواقف متذبذبة، ويبدو أنهم تاهوا في ضبابية هم من افتعلها. "فن الدفاع" في "جابان تايمز" اليابانية، وفي عدد يوم الجمعة الماضي، وتحت عنوان "مراجعة فن الدفاع"، كتب "ديفيد هاويل" مقالاً استهله بالسؤال التالي المثار حاليا في بريطانيا: كم من الأموال التي يتعين إنفاقها على القوات المسلحة؟ "هاويل" وهو وزير سابق في الحكومة البريطانية ورئيس سابق للجنة الشؤون الخارجية بمجلس "العموم" البريطاني يرى أن الإجابة على التساؤل المطروح، حركت سجالاً بين القادة العسكريين والساسة في المملكة المتحدة، خاصة أن حجم الإنفاق يتعلق بمستوى التجهيزات التي يستخدمها الجيش البريطاني ورواتب ومعاشات الجنود وتكلفة المشروعات الكبرى التي تنخرط فيها القوات المسلحة... الخ بريطانيا - حسب الكاتب- ملتزمة تقليدياً بإنفاق دفاعي يضمن جودة هي الأعلى مقارنة بجيرانها الأوروبيين... فهي تنفق الآن ما نسبته 2.8 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، نسبة هي الأعلى على الصعيد العالمي بعد الولايات المتحدة. لا شك أن الانخراط الكثيف في العراق وأفغانستان وضع الجيش البريطاني في مواجهة ضغوط، والعسكريون الذين يدعون إلى ميزانيات أكبر وجدوا أنفسهم في شقاق مع السياسيين، وبدلاً من تأمين الحصول على مزيد من التمويل، قد تم إبلاغ الساسة بأن يتوقعوا تخفيضات كبيرة في التمويل، وهناك حديث حول تخفيض في الميزانية الدفاعية يصل إلى 20 في المائة... السجال نجمت عنه تساؤلات منها: ما مدى أهمية المشروعات عالية التكلفة التي تم التخطيط لها خلال السنوات الماضية، والتي ابتلعت مليارات الجنيهات الإسترلينية؟ وهل هي أفضل طريق لحماية الأمن القومي؟ على سبيل المثال أنفقت بريطانيا أموالاً طائلة وتخطط لإنفاق المزيد على طائرات صممت أصلاً للعمل خلال الحرب الباردة، فهل هذا النوع من الطائرات هو الأداة المثلى للقتال ضد عصابات التمرد والميليشيات المسلحة؟ وثمة التزام ببناء حاملتي طائرات جديدتين بتكلفة كبيرة ستبتلع خلال السنوات المقبلة كل ميزانية البحرية الملكية تقريباً. لكن البحرية المتطورة تحتاج قطعاً صغيرة وسريعة ومرنة، وليس مطارات عائمة. "هوويل" تطرق إلى كتاب "سن تزو" المعنون بـ"فن الدفاع"، والذي يتضمن محددات جديدة لحروب المستقبل، وهذه الأخيرة تتطلب، حسب ما ورد في الكتاب، تقنيات حرب للفضاء الإلكتروني وتحتاج عناصر بشرية فائقة التدريب...الإنفاق الدفاعي يجب التعامل معه وفق سياق أكبر يشمل الأمن الداخلي والاستخبارات وتفعيل القوة الناعمة على الصعيد العالمي والمساهمة في المؤسسات الدولية الجديدة وفي التحالفات. أوكرانيا والصين تحت عنوان "تحركات الصين الأوكرانية"، كتبت "فلورينت بارامينتر" يوم أمس مقالاً في "ذي موسكو تايمز" الروسية، رأت خلاله أن معظم النقاشات التي أحاطت بانتصار "فيكتور يانكوفيتش" في الانتخابات الرئاسية ركزت على ما إذا كانت سياساته ستكون موجهة إلى الاتحاد الأوروبي أو روسيا... بالطبع ثمة تغييرات واضحة من المتوقع حدوثها في سياسة أوكرانيا الخارجية بعد نهاية السياسات الموالية للغرب التي ظهرت خلال حكم "فيكتور يوشينكو". لكن هناك لاعبا مهما قد يكون أكثر تأثيراً على أوكرانيا من الغرب وروسيا ألا وهو الصين، "فلورنت" وهي زميلة في مركز الدراسات الأوروبية بمعهد العلوم السياسية بباريس، ترى أن أحد أهم الأسباب التي جعلت بكين شريكاً استراتيجياً لكييف تكمن في المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها أوكرانيا... وكثير من المحللين اعتقدوا أن روسيا ستكون هي المصدر الأساسي لإنقاذ الاقتصاد الأوكراني، لكن رغم الاحتياطيات الروسية الضخمة من العملة الأجنبية، فإن لدى موسكو مشكلات اقتصادية كبيرة، كما أن العلاقات الاقتصادية بين روسيا وأوكرانيا تغيرت كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة وأن كييف لم تعد تتوقع دعماً روسياً كبيراً في مجال الطاقة، كما أن برنامج الاتحاد الأوروبي للشراكة مع بلدان أوروبا الشرقية، سيظل مهماً بالنسبة لأوكرانيا، خاصة في مجال الإصلاحات الداخلية، لكن الاتحاد الأوروبي ليس لديه أموال، وأعضاء الاتحاد الأوروبي كاليونان ورومانيا وبلغاريا ولاتفيا يتصدرون قائمة الدعم المطلوب من الاتحاد الأوروبي... ومن ثم تسبق تلك الدول أوكرانيا في أولوية تلقي الدعم الاقتصادي من الاتحاد. الكاتبة تتوقع أن تكون أوكرانيا هي البلد التالي بعد مولدوفيا من حيث تعزيز العلاقات مع الصين، حيث قدمت بكين قرضاً لمولدوفيا بقيمة مليار دولار، وهو مبلغ ضخم لاقتصاد قوامه 8 مليارات دولار. ويبدو أن هذه الخطوة تستند إلى مصالح جيوبولوتيكية تراها الصين مع جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، وضمن هذا الإطار، تأتي أهمية المواد الخام، حيث سيتم افتتاح أنبوب لنقل الغاز الطبيعي من تركمانستان إلى الصين، مروراً بقرغيزستان وكازاخستان، وتوجد أنشطة مشابهة للصين في أفريقيا وأميركا اللاتينية، حيث تبحث بكين بنهم عن مواد خام كالكوبلت والبلاتين والماس والخشب. وبالنسبة لأوكرانيا، يبدو أن الصين لا تبحث عن مواد خام فيها، بل تسعى إلى تصدير الطريقة الصينية في تدشين البنى التحتية بتكلفة زهيدة. إعداد: طه حسيب