روسيا تنقب عن نفط "خليج المكسيك"...وشكاوى تجارية من الصين هل تدخل واشنطن حرب طاقة ضد موسكو في نصف الكرة الأرضية الغربي؟ وما هي حقيقة الشكوى من سياسات بكين التجارية؟ وما المطلوب من إدارة أوباما عند التعامل مع نتنياهو؟ تساؤلات نبحث عن إجاباتها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. نفط خليج المكسيك في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي، وتحت عنوان "أوباما استسلم لموسكو في نفط الخليج"، قالت "واشنطن تايمز" إنه في الوقت الذي حظرت إدارة أوباما التنقيب على النفط في المناطق البحرية بحلول عام 2012 أو ما بعده، اتخذت روسيا خطوات استراتيجية للبدء في التنقيب عن النفط في خليج المكسيك. وفي الوقت الذي تقدم فيه واشنطن على خطوات من أجل توفير بدائل للنفط والحد من انبعاثات الكربون، فإن روسيا تنقب عن النفط قرب سواحل كوبا. الصحيفة ترى أن نفط المناطق الساحلية ذو أهمية اقتصادية، فهو يوفر الوظائف، ويساعد الولايات المتحدة على تلبية احتياجاتها من الطاقة، وهو يساهم في الناتج المحلي الإجمالي، ولا يسفر عن عجز في الميزان التجاري الأميركي، كما أن زيادة الإنتاج الأميركي من النفط تعزز النفوذ الأميركي في الأسواق العالمية. الصحيفة لفتت الانتباه إلى أن التنقيب عن النفط يحظى بشعبية لدى عامة الأميركيين، فوفق استطلاع للرأي أجراه "مركز بيو للبحوث"، فإن 63 في المئة من المشاركين في الاستطلاع يؤيدون التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في المياه الأميركية. الأميركيون يتفهمون نقاطاً أساسية: (النفط هناك...ونحن نحتاجه، وإذا لم نستخرجه، سنشتريه من الخارج). أسعار النفط في الأسواق العالمية تجعل من البحث والتنقيب عن الخام أمراً مُجدياً، فلماذا لا تترك الحكومة الأميركية القطاع الخاص يقوم بهذه المهمة ويستخرج النفط الأميركي. إدارة أوباما تنظر إلى سياسة الطاقة بنظارة خضراء، فكل مقاربة تنتهجها في هذا المجال تخضعها لمخاوف بيئية راديكالية. أميركا لم تصل بعد إلى "اليوتوبيا" الخضراء، أي أنها لم تتحول تماماً إلى بلد ينتج موارد بديلة للطاقة: كطاقة الرياح أو الطاقة النووية والشمسية...ويبدو إنها لن تصبح كذلك في المستقبل القريب، والآن تحتاج الولايات المتحدة المزيد من النفط... على الجانب الآخر، تتعامل روسيا بحساسية أكثر مع الطاقة، فهذه الأخيرة، مهمة للاقتصاد الروسي، كونها مصدر للربح وفي الوقت نفسه تستخدم موسكو النفط والغاز أداة للدبلوماسية القصرية، مع أوروبا الشرقية في منتصف الشتاء. روسيا الآن تستخدم التنقيب عن النفط كأداة لتواجد جديد لها في نصف الكرة الأرضية الغربي، وخلال الآونة الأخيرة، وقعت موسكو أربعة عقود، من خلالها تضمن الحصول على حق استخراج النفط في "المنطقة الاقتصادية" بخليج المكسيك، وتحذر الصحيفة من أن الشراكة الروسية- الكوبية قد تتطرق إلى استغلال نفط خليج المكسيك الموجود في أعالي البحار. صحيح أن لدى كوبا الحق في التنقيب عن النفط في تلك المنطقة، وذلك وفق اتفاقية أبرمتها إدارة كارتر، لكن ما تقوم بع روسيا الآن يمكنها من العمل داخل منطقة تُعد تقليدية ضمن دائرة النفوذ الأميركي. الصحيفة ذكرت باستغلال روسيا لكوبا خلال أزمة الصواريخ، والآن تحاول موسكو استخدام هافانا في حروب الطاقة. ويبدو أن روسيا تحاول كسب نفوذ في نصف الكرة الغربي، في الوقت الذي تتراجع الولايات المتحدة في هذه المنطقة. شكاوى تجارية في افتتاحيتها ليوم الأربعاء الماضي، وتحت عنوان "هل تصغي الصين؟"، استنتجت "نيويورك تايمز" أن شكوى واشنطن - المفعمة بالضجيج- من تعويم الصين لعملتها، والآذان الصماء التي لا يخرج عنها رد الفعل على شكوى الولايات المتحدة من الصين، كل ذلك يشير إلى أن الأمر يتعلق فقط بمجرد مشكلة أميركية. الصحيفة ترى أن قرار الصين بالاعتماد بشكل أساسي على تصدير منتجات بأسعار، أقل من قيمتها الحقيقية يهدد اقتصاديات كثيرة في العالم، ويسفر عن عجز في الموازين التجارية في الولايات المتحدة وأوروبا، والأسوأ من ذلك أنه يضر بصادرات الدول النامية التي تأمل في التعافي الاقتصادي. أوباما تعهد الشهر الماضي، باتخاذ موقف أكثر صرامة مع الصين، وفي يوم الاثنين الماضي، وجه 130 عضواً في الكونجرس رسالة إلى "تيموثي جيثنر" وزير الخزانة، يطالبون فيها أوباما بالتعامل مع الصين كبلد يعوم عملته، وهذا قد يمهد الطريق لفرض قيود تجارية على المنتجات الصينية. وبالنسبة للصين، فإنها إلى الآن تبدي "تمردها"، فرئيس الوزراء الصيني، رفض الشكاوى الأميركية واعتبرها "نوعاً من الحمائية التجارية".، وأفصح عن عدم وجود أي خطة لتغيير المسار الصيني. ولفتت الصحيفة الانتباه إلى أن بنك الصين المركزي يشتري كميات ضخمة من الدولارات الأميركية من أجل الحفاظ على قيمة العملة الصينية، التي هي أقل من الدولار، الصين دعمت عملتها عام 2005، وتكرر الأمر في 2008. التحدي الآن يكمن في إيحاد طريقة لإقناع الصين بتطوير استراتيجيتها الاقتصادية بحيث لا تتجه بكين نحو خطوة أكثر خطورة، وهي استغلال أذونات الخزانة الأميركية التي تقدر 2.4 تريليون دولار، ففي ذلك خطورة على البلدين، وإضعاف للدولار وللعملة الصينية في الوقت ذاته. وفي ظل الحالة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، من الصعب احتواء الصادرات الصينية المدعومة بعملة صينية رخيصة وبسياسة تدعم سعر صرف العملة. وكلما ترسخ هذا المنطق لدى عد كبير من الدول، كلما ازداد احتمال إقدام الصين على مراجعة سياساتها، وكلما قل احتمال تصاعد خلاف قد ينقلب إلى حرب لن يربح فيها أحد. الضغط الأميركي المطلوب خصصت "كريستيان ساينس مونيتور" افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي، لرصد مستجدات الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، خاصة بعد إعلان تل أبيب عزمها بناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأميركي لإسرائيل. الصحيفة تقول إن الضغط الأميركي المتواصل أمر ضروري، خاصة وأن توقيت الإعلان عن بناء مستوطنات جديدة يجعل الولايات المتحدة تبدو ضعيفة، وهو أمر ليس جيداً للقوى العظمى الوحيدة في العالم، لاسيما وأن هذه الأخيرة تحارب الإرهابيين، وتحاول إقناع الصين وروسيا، بمخاطر "إيران النووية". والأكثر أهمية هو أن الضغط على إسرائيل مهم للدفع بمفاوضات السلام إلى الأمام، والسعي نحو تطبيق "حل الدولتين"، الذي يقول نتنياهو إنه يدعم، لكن هل فعل ذلك؟ الصحيفة ترى أن على واشنطن معرفة نوايا الحكومة الإسرائيلية، خاصة بعد تصريح أطلقه نتنياهو الأسبوع الماضي، قال فيه: (من المهم جداً أن لإسرائيل والولايات المتحدة مصالح مشتركة، وإسرائيل ستتصرف وفق المصالح الحيوية لدولة إسرائيل). معنى هذا التصريح أن بناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية أكثر أهمية للحكومة الإسرائيلية من التسوية السلمية، رئيس الحكومة الإسرائيلية، يحاول إرضاء تحالفه الذي يضم أعضاء من "اليمين" المتطرف، لكن ما هي جدوى المحادثات غير المباشرة؟ هل شراء الوقت وتجنب السلام الحقيقي؟ يتعين- حسب الصحيفة- على واشنطن إقناع نتنياهو بأن تحقيق السلام يعد مصلحة حيوية لإسرائيل، وليس مجرد مصلحة مشتركة مع الأميركيين، كما أن اتخاذ خطوات متماسكة لتسوية القضية الفلسطينية وبناء معايير أمنية سيغير ديناميات الشرق الأوسط، وإذا كان لدى نتنياهو خيار ، فعليه الانخراط في مباحثات السلام، والمغامرة بتحالفاته السياسية، فهذا لن يكون كارثياً، بمقدوره إعادة تشكيل تحالف حكومي تنضوي فيه عناصر إسرائيلية راغبة في السلام. إعداد: طه حسيب