"برنامج التثقيف والتوعية بمخاطر جرائم الأحداث" الذي تتّجه نيابة الأسرة في أبوظبي بالتعاون مع منطقة أبوظبي التعليمية إلى تنفيذه خلال الأيام المقبلة في مدارس أبوظبي بناء على توجيهات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، رئيس دائرة القضاء في أبوظبي، ينطوي على أهمية كبيرة، ويعكس وعياً بخطورة ظاهرة مقلقة بدأت تظهر تجلياتها على السطح خلال الفترة الأخيرة، وهي ظاهرة عنف المراهقين. فمن ناحية أولى يعكس هذا البرنامج الأول من نوعه على مستوى الدولة، وعياً بالدور الاجتماعي الذي من المهم أن تقوم به الجهات والمؤسسات المختلفة من خلال التفاعل مع حاجات المجتمع ومشكلاته وتحدياته والعمل على المساهمة في مواجهة هذه المشكلات والتحديات ومحاولة تقديم الحلول والمعالجات المناسبة لها. ولاشك في أن تكريس الوعي بالدور الاجتماعي من قبل الهيئات المختلفة في الدولة، من شأنه أن يساعد على إيجاد مجتمع ينعم بالاستقرار والأمن والتنمية، ويحقق التعاون المطلوب بين المؤسسات بمختلف أنواعها في خدمة المجتمع الذي توجد فيه. ومن ناحية ثانية فإن هذا البرنامج يستند إلى دراسات وأبحاث خاصة بالنيابة العامة في أبوظبي أظهرت أن كثيراً من الأحداث يحتاجون إلى نوع من التثقيف والتوعية بالجرائم التي قد تؤثر في مستقبلهم، وفق ما أكّده القائم بأعمال النائب العام في الإمارة في تصريحات نقلتها صحيفة "الاتحاد"، مؤخراً، وهذا يزيد من فاعليته وقدرته على التأثير، خاصة إذا تعلق الأمر بدراسات لجهة معنيّة بالجريمة ومعدلاتها وأنواعها وهي النيابة العامة. ومن ناحية ثالثة فإن البرنامج يؤكّد فكرة الوقاية والتحرك الاستباقي لمنع وقوع الجريمة من خلال التوعية بمخاطرها، وعدم الاكتفاء باتخاذ موقف رد الفعل فقط من خلال التعامل معها أو التصدي لمرتكبيها بعد وقوعها وبعد أن يكون ضررها قد تحقق في المجتمع. ومن ناحية رابعة فإن البرنامج يتبنّى التوعية وسيلة أساسية لمواجهة تزايد معدل جرائم الأحداث خلال الفترة الماضية، وهذا جانب مهم وأساسي من جوانب معالجة هذه الظاهرة بالمفهوم الشامل. فعلى الرغم من أن الأمر يتطلب أعلى درجات الحسم والصرامة من قبل جهات الأمن في مواجهة جرائم المراهقين، وهو ما تقوم به هذه الجهات بالفعل، فإن التعامل مع المراهقين في سنّ صغيرة، يتّسمون فيها بقلّة الوعي وأحياناً الاندفاع والتهور وحب التقليد والرغبة في إثبات الذات ولفت الانتباه، يحتاج إلى رؤية أكثر شمولاً، وتمثل التوعية أحد أبرز عناصرها وأهمها. فلاشك في أن جنوح المراهقين إلى الجريمة والأعمال المخلّة بالأمن يعكس في أحد جوانبه الأساسية نقصاً في الوعي بخطورة هذه الجريمة وما يمكن أن تنتجه من آثار سلبية ليس على المجتمع فقط، وإنما على مستقبل مرتكبها نفسه في المقام الأول. من الضروري أن يكون "برنامج التثقيف والتوعية بمخاطر جرائم الأحداث"، الذي تتبناه نيابة الأسرة في أبوظبي بالتعاون مع منطقة أبوظبي التعليمية، مقدمة لبرامج إضافية تتبنّاها جهات أخرى، سواء كانت تعليمية أو دينية أو إعلامية، من أجل وضع حدّ لظاهرة اجتماعية خطرة، أو احتوائها ومنع تفاقمها أو خروجها عن نطاق السيطرة -لا قدّر الله- في المستقبل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية