حقائق حول الغاز الروسي... وتراجع الإنفاق العسكري الصيني هل تراجعت حكومة "المحافظين" في كندا عن المساعدات الخارجية؟ وما مدى صحة صعود روسيا كقوة عظمى في إنتاج الغاز الطبيعي؟ وما هي أسباب تراجع مخصصات الإنفاق العسكري في الصين؟ تساؤلات تجيب عليها هذه الإطلالة السريعة على الصحافة الدولية. تراجع المساعدات الكندية تحت عنوان "تراجع مخزٍ عن المساعدات الخارجية"، نشرت "تورونتو ستار" الكندية يوم السبت الماضي مقالاً لـ"جيري بار"، رأى خلاله أن مساعدات كندا الخارجية تعرضت الأسبوع الماضي لصفعة قوية، عندما أعلن وزير المالية "جيم فلاهيرتي" تجميد الإنفاق على المساعدات... من السهل الوقوع في حيرة مع الأرقام والنسب المئوية والرسوم البيانية، وفي عالم يتعرض فيه ما يزيد على مليار نسمة لسوء التغذية، ولا يستطيع 72 مليون طفل الالتحاق بصفوف الدراسة، ينبغي علينا عندما نتحدث عن المساعدات الخارجية ألا ننسى أننا بصدد نضال إنساني للهروب من الفقر والسعي نحو حياة كريمة. وحسب الكاتب، هذه هي المرة الأولى، التي توضح فيها حكومة "المحافظين" مقاربتها الخاصة بالمساعدات الخارجية، خاصة وأن زيادة المساعدات بنسبة 8 في المئة، تبدو جيدة في إطار وعود الحكومات "الليبرالية" السابقة الرامية إلى مضاعفة المساعدات. لكن يبدو أن "المحافظين" انتهزوا الفرصة وحاولوا ترك بصمتهم على دور كندا العالمي، واختارت حكومتهم أن تدير ظهرها لفقراء العالم. وتجدر الإشارة إلى أنه كي تحقق كندا الهدف الأممي المتمثل في تخصيص 0.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان الغنية للإنفاق على المساعدات الخارجية، تحتاج الحكومة الكندية الإعلان عن زيادة سنوية في مساعداتها الخارجية تصل إلى 14 في المئة، على أن تستمر نسبة الزيادة طوال السنوات العشر المقبلة. الآن نحن بحاجة إلى زيادة قدرها 14 في المئة، ولكن لا نجد سوى الصفر. وفي ظل الميزانية الراهنة، سيصبح ترتيب كندا في قائمة المانحين هو 18 من بين 22، وهي المرتبة الأقل في تاريخ كندا... مكمن الفشل يتمثل في كون هذا التراجع يأتي خلال عام ستستضيف فيه كندا- في يونيو المقبل- قمة الثماني وقمة مجموعة العشرين. أي عملاق للطاقة؟ في مقالها المنشور بـ"ذي موسكو تايمز" الروسية يوم الأربعاء الماضي، وتحت عنوان "كالعادة قوة عظمى في الطاقة"، أشارت "يوليا لاتينينا" إلى أنه منذ اللحظة التي سيطر فيها بوتين على "غازبروم"، والكريملن يعتبر روسيا قوة عظمى في مجال الطاقة تُملي شروطها على الآخرين، والفضل يعود للمواد الأولية الضخمة التي تنتجها... الكاتبة، وهي إعلامية في إذاعة "إيكو موسكفي"، تقول إن روسيا انتجت في عام 2008 قرابة 640 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، ونصيب غازبروم وحدها 550 مليار متر مكعب، علماً بأن الولايات المتحدة استخرجت في العام نفسه 580 مليار متر مكعب من الغاز، أي أقل مما تنتجه روسيا، وأكبر مما تنتجه غازبروم، فلماذا تُعتبر روسيا قوة عظمى في مجال الطاقة، في حين لا ينطبق الأمر نفسه على الولايات المتحدة؟ وإذا كانت كمية الغاز الطبيعي التي يتم استخراجها مهمة، فإن أسعارها تبقى الأهم، فمتوسط سعر المتر المكعب من الغاز الطبيعي في عام 2008 كانت 323 دولارا، ووفق هذا السعر يُفترض أن أميركا حصلت على 185 مليار دولار، لكن ما جنته غازبروم من بيع الغاز لأوروبا الغربية لا يتجاوز 47 مليار دولار، فلماذا تُصنف روسيا نفسها كعملاق في مجال الطاقة؟ الفجوة اتسعت في 2009، حيث تراجعت كمية الغاز الروسي المستخرج إلى 575 مليار متر مكعب، نصيب غازبروم منها 460، في حين ازداد الإنتاج الأميركي في العام ذاته ليصل إلى 620 مليار متر مكعب من الغاز لتتفوق الولايات المتحدة على روسيا في إنتاج الغاز. وكيف تصبح روسيا قوة عظمى في مجال الطاقة إذا كان إنتاج غازبروم من الغاز الطبيعى في 2009 أقل من ربع ما أنتجته الولايات المتحدة في العام ذاته؟ الإجابة بسيطة هي أن روسيا تفتقر إلى قطاع حقيقي للصناعات الكيمياوية، فروسيا لا تستهلك ما تنتجه من غاز، بينما لدى الولايات المتحدة قطاع كيمياوي يعد الأكبر في العالم، حيث تستهلك سنوياً مليوني "تيراجول"- وحدة لاستهلاك الطاقة- في حين روسيا ذات المساحة الشاسعة ودرجات الحرارة المنخفضة لا تستهلك سوى 110 آلاف "تيراجول" سنوياً، علماً بأن ترتيب القطاع الروسي للصناعات الكيمياوية عالمياً من حيث الحجم هو الـ12. وتجدر الإشارة- حسب الكاتبة- إلى أن أسواق أميركا الداخلية استهلكت في عام 2008 قرابة 670 مليار متر مكعب، ووصلت عوائد قطاع الصناعات الكيمياوية الأميركي خلال العام نفسه إلى 400 مليار دولار. "يوليا" تقول إن بوتين حاول منذ أن سيطر على غازبروم، السيطرة على أوروبا من خلال أنابيب الغاز، وبدلاً من ضخ الغاز والأموال، نقلت الأنابيب غازاً أقل كل عام. وتساءلت الكاتبة: لماذا لا يطور بوتين قطاع الصناعات الكيمياوية الروسي؟ ولكي يطور بوتين هذا القطاع، ينبغي عليه انتهاج مقاربة مختلفة تتجاوز مجرد إنتاج الغاز، على سبيل المثال شركات الكيمياويات الأميركية مثل "داو" و"دوبونت" خاصة، وليس مملوكة للدولة كما في الشركات الروسية. المنتجات التي يعمل فيها هذا القطاع تُباع في الأسواق الحرة، في حين يعتمد بوتين على نظام احتكاري يتحكم في الأسعار ويُدر مالاً سهلاً. وإذا كان الكريملن يطمئن نفسه، بأن يضع أوروبا رهينة من خلال أنابيب الغاز، فإن روسيا في الحقيقة، تضع نفسها رهينة أنابيب الغاز، وسوء إدارة قطاعي الطاقة والصناعات الكيمياوية. إنفاق الصين العسكري في مقاله المنشور بـ"جابان تايمز" اليابانية يوم أمس، سلط "هارش في. بانت" الضوء على ميزانية الصين العسكرية، قائلاً بعد قرابة عقدين على انتهاج الصين سياسة تقوم على زيادة الإنفاق العسكري سنوياً بنسبة تزيد على 10 في المئة، أعلنت بكين هذا العام أن هذه الزيادة ستصل خلال العام الجاري إلى 7.5 في المئة فقط. إنها المرة الأولى منذ عقدين التي تصل فيها نسبة الزيادة إلى أقل من 10 في المئة. "بانت" وهو مدرس بـ"كينج كولدج لندن"، أشار إلى تصريحات صدرت من الحكومة الصينية، مفادها أنها ستخصص هذه الزيادة لتعزيز قدرتها على مواجهة تهديدات متنوعة، وأنها ستبقى متمسكة بالتطوير السلمي وبوضعيتها العسكرية التي يفترض أنها دفاعية في طبيعتها". وحسب الكاتب، فإنه على صعيد السياسة الداخلية، من المهم بالنسبة للحزب الشيوعي الصيني، السيطرة على الإنفاق خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية التي أثرت على الصادرات الصينية. ويبدو أن برنامج التحفيز الاقتصادي الذي تنتهجه بكين جعلها تكرس مواردها من أجل تخفيف التوترات الاجتماعية- الاقتصادية، وهذا قد يأتي على حساب بعض الموارد المخصصة للدفاع. ومن الواضح أن قيادة الحزب الشيوعي الصيني حساسة تجاه التعرض لتهمة التعامل بطريقة غير مناسبة مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية الداخلية، وفي ظل ارتفاع نسبة البطالة، فإن زيادة الإنفاق العسكري قد تغضب عامة الصينيين. ومن المتوقع أن يشهد البرلمان الصيني هذا العام تغيرات في أولويات الإنفاق، بحيث تشمل الإسكان والتعليم والرعاية الصحية. لكن ما يبعث القلق في آسيا هو وجود قناعة بأن الإنفاق العسكري الصيني الحقيقي ربما يزيد بمقدار الضعف عن الرقم المعلن. إعداد: طه حسيب