تفصح الانتخابات التي أجريت يوم الأحد 7 مارس 2010 عن تغيير سياسي واعد في العراق نحو الأفضل. وقد تكون هذه الانتخابات خطوة مهمة على طريق التخلص من العنف والدمار داخل العراق. ولسوء الحظ أن العنف يتم توجيهه إلى المدنيين العراقيين بالدرجة الأولى، وإلى الوضع السياسي الجديد الذي يسير بصعوبة نحو التشكل. هذا العنف، ورغم ما تطرحه العديد من وسائل الإعلام، يتصاعد في بعض الأماكن والفترات الزمنية إلى مستويات كارثية قاتلة ينتج عنها تباطؤ الاقتصاد إلى الحضيض، ومنع إعادة البناء والتعمير، وطرد منهجي مبرمج، وإن كان بشكل غير مباشر، لكافة أنواع الدعم والمساعدة التي قد تقدمها الأطراف الإقليمية والدولية القادرة للعراق. وربما أن نجاح انتخابات مارس 2010 يعطي بصيصاً من الأمل لنجاح العراق في امتحانه السياسي والأمني العصيب، لكن العراقيين لا زالوا يواجهون عدداً من الأسئلة التي لا تتوافر حتى الآن إجابات عليها: فهل الانتخابات التي أجريت دليل فعلي على أن البلاد تسير في الطريق الصحيح؟ وهل العملية السياسية التي تواجدت نتيجة الانتخابات ستضرب بجذورها في الأرض العراقية بقوة على المدى المنظور وتوفر للعراق إطاراً مؤسسياً للسير نحو الأمن والاستقرار؟ وهل ستؤدي مشاركة العرب السنة في الانتخابات بشكل لافت للنظر، إلى عودة العراق إلى طبيعته الأولى التي ترسخت على مر السنين بنبذ الطائفية والصراع الاجتماعي على أساس من المذاهب الدينية؟ وفوق كل ذلك، هل يوجد لدى مكونات الشعب العراقي الاجتماعية أرضيات مشتركة تجمعهم لكي يبقوا موحدين كأصحاب وطن واحد يتشاركون في مصير ومستقبل واحد؟ أم أن أطرافا إقليمية بعينها وجدت لنفسها نفوذاً قوياً في شؤون وطنهم، ستنجح في دفعهم نحو اتجاهات تقصم ظهورهم وظهر وطنهم وتدفع بهم نحو حرب أهلية مدمرة؟ ما اعتقده شخصياً، هو أن الانتخابات التشريعية التي جرت هذا الشهر، أعطت العراقيين بعض المساحة للتنفس، ومظهرا سياسيا جديد يتضمن كافة أشكال الطيف الاجتماعي العراقي، خاصة العرب السُّنة. لكن التحدي الأكبر سيبقى معتمداً على قدرة النواب المنتخبين حديثاً والأحزاب والائتلافات المتعددة القيام بعمليات التوصل إلى الحلول الوسيطة حول القضايا المهمة التي يواجهها المواطن العراقي، ويأمل في توفير حلول جذرية وفورية ومرضية لها، خاصة قضايا الأمن والاستقرار والاقتصاد. والنتائج التي ستخرج ربما تنذر بعملية تداول صعبة لتشكيل الحكومة التي ستقرر المسار والنهج الذي ستتخذه للسنوات الأربع القادمة. وفي هذا السياق نتوقع عمليات مفاصلة معقدة خلف الكواليس تتعلق برئاسة الوزارة والمناصب الوزارية الرئيسية خاصة الوزارات السيادية، كالداخلية، والأمن، والدفاع، والخارجية، والمالية، والنفط. ومحك رئيسي في عملية المفاصلة التي ستجري هي مسألة تقاسم الجزء الأكبر من ثروة العراق، خاصة عوائد النفط. والمهم من كل ذلك ربما تكون مسألة بقاء العراق قطراً موحداً، وكيف سيتم تحديد مكوناته الاتحادية، فالسنة الذين خاضوا الانتخابات، توجد وراءهم كثافة انتخابية تعارض الدستور المعمول به، وتواجد الولايات المتحدة الأميركية في العراق، ونمط الفيدرالية التي يعرفها الدستور. فماذا أنت فاعل يا عراق؟