بداية عراقية جديدة... والحرية السياسية شرط الإبداع الروسي ما هو الأمل المنشود من الانتخابات العراقية؟ وأيهما أسبق في روسيا: الديمقراطية أم الإبداع؟ وهل أضرت العولمة بروح الكوريين الجنوبيين؟ وما العقبة التي تعترض الحوار الهندي- الباكستاني؟ تساؤلات نجمع إجاباتها من إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. حصيلة الانتخابات العراقية في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، وتحت عنوان "فرصة العراق في بداية جديدة"، نشرت "تورنتو ستار" الكندية يوم السبت الماضي، افتتاحية، أشارت خلالها إلى أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، كان شجاعاً عندما قرر الإدلاء بصوته في الانتخابات العراقية، بينما تنشب دورة عنف جديدة في البلاد، فأنصاره من الشيعة العرب استأنفوا المواجهة ضد السُنة، في وقت يحتاج فيه العراقيون إلى التماسك والتكاتف تمهيداً لانسحاب القوات الأميركية. هذا يبدو صعباً في بلد قوامه 29 مليون نسمة، ويعج بالانقسامات الإثنية والدينية، ويسعى لنسيان الغزو الأميركي وما تركه من خسائر بشرية. معسكر المالكي، حذر من عودة "البعثيين"، حيث أصدر رئيس الوزراء العراقي قراراً بحظر ترشيح مئات من السُنة في الانتخابات، وهو ما تراه الصحيفة طريقاً ما كان ينبغي على المالكي سلكه، فهو ليس في حاجة إليه، لأن "تحالف دولة القانون" الذي يترأسه يتفوق على حزب "العراقية" العلماني بزعامة إياد علاوي المعروف بشعبيته لدى السُنة، وأيضاً على "التحالف القومي العراقي"- كتلة شيعية محافظة يتزعمها الجعفري. الصحيفة فسرت سياسة المالكي بأنها تعكس شعوره بصعوبة السباق الانتخابي، وأنه بحاجة لطمأنة ناخبيه الشيعة، بالتخويف من السُنة. وحتى إذا كان لدى المالكي فرصة الظهور مجدداً على الساحة العراقية، فإن تكتيكاته ستُعقد عملية بناء التحالفات التي يحتاجها أي تيار سياسي فائز في الانتخابات، كي يتسنى له حكم البلاد. الصحيفة استنتجت أن التحدي الكبير الذي يتعين على العراقيين مواجهته ليس هو "فتح جراح البعثيين"، بل مداواتها، لأن الغزو الأميركي كلفهم الكثير، ومع ذلك مهد الطريق لبداية عراقية جديدة... وينبغي على قادة العراق ألا يتركوا هذا المسار، كما أن لم شمل الشيعة والسُنة والأكراد، في وحدة فيدرالية تتطلب من ساسة العراق التصرف كـ"رجال دولة"، بطريقة أفضل مما بدا منهم أثناء الحملات الانتخابية الأخيرة. وبغض النظر عن هوية القائد العراقي الجديد، فإنه عليه الالتزام بتقسيم السلطة على نحو يضمن حقوق الأقليات، ويؤمن لهم نصيبهم في الثروة النفطية... الديمقراطية والفيدرالية والاحترام المتبادل، أمور تعتبرها الصحيفة مواد لاصقة تجمع العراقيين ثانية، خاصة بعد معاناة طويلة، فالعراقيون في حاجة إلى قائد مستعد للتواصل معهم. الإبداع المنشود تحت عنوان "ميدفيديف يضع بيضه في سلة سيركوف"، كتب "فلاديمير فرولوف" يوم الخميس الماضي مقالاً في "ذي موسكو تايمز" الروسية، قال خلاله: شكراً لتقرير "معهد التنمية المعاصرة" الخاص بمستقبل روسيا، وشكراً للمقابلة التي أجراها فلادسلاف سيركوف، نائب كبير موظفي الرئيس ميدفيديف مع جريدة "فيدوميستي"، فنحن نستمتع الآن بدرجة عالية من الحوار حول مشكلة من الأسبق: (البيضة أم الدجاجة؟)... فرولوف، وهو رئيس مجموعة LEFF – شركة حكومية تعمل في العلاقات العامة- يتساءل: هل الحرية السياسية شرط أساسي للإبداع التقني؟ أم أن الإبداع الاقتصادي يمكن تحقيقه في ظل نظام سياسي مُقيد؟ التاريخ يخبرنا بأن المقاربتين كلتيهما صحيحتان، لكن المعضلة تكمن في أيهما يصلح بالنسبة لروسيا؟ تقرير "معهد التنمية المعاصرة" يرجح كفة التنافس السياسي، ويقول إنه الحل الوحيد لما يسميه "فجوة الإبداع"التي تعاني منها روسيا مقارنة ببقية القوى العالمية الأخرى. ووفق هذا المنظور، فإن التنافس يقود إلى حكومة أفضل، ويسمح للقطاع الخاص بالابتكار...لكن "فلادسلاف سيركوف" روسيا ربما لن تكون قائمة كبلد، إذا انتظرنا تحقيق "التحديث الذاتي". وحسب وجهة النظر هذه، تحتاج روسيا إلى البدء في دعم الإبداع الآن، مستخدمة قوتها كدولة متماسكة، وقادرة على تشجيع المشروعات الصغيرة على الاستثمار في الإبداع، وخلق طلب داخلي على منتجات روسية تحتوي هذا الإبداع، وبالتزامن، سيتسع – لكن ببطء- نطاق العمل في المؤسسات الديمقراطية، والإجراءات المصاحبة لاقتصاديات الإبداع ستسفر عن واقع اجتماعي وديمغرافي وثقافي جديد. وإذا كان الرئيس الروسي يعول على مقاربة سيركوف، فإن الأمر يعد مغامرة للرجلين... سيركوف يركز على الإبداع فقط، وعلى توفير بيئة لمنتجات لا يعرف الناس مدى حاجتهم إليها. وثمة تساؤل يطرح نفسه: ما الذي سيصنع المنتجات الإبداعية، إذا لم تقم روسيا بتحديث قاعدتها الصناعية؟ الهند؟ الصين؟ سيركوف لم يجب على هذا السؤال. "تفوق بلا روح" في مقاله المنشور في "ذي كوريا تايمز"، أول من أمس الأحد، وتحت عنوان "كوريا العالمية بلاروح"، توصل "تونج كيم" إلى استنتاج مفاده أن سيول تُعد من أكثر مدن العالم تقدماً، والأميركيون عندما يزورون العاصمة الكورية الجنوبية، سيلفت انتباههم وجود استراتيجيات في كل محطات المترو...الكاتب، وهو أستاذ باحث في معهد "إلمن للعلاقات الدولية" بالجامعة الكورية، والأستاذ المساعد بكلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، يرى أن كوريا استفادت من أدائها الاقتصادي المتميز وتسير الآن في اتجاه التحول إلى قوة عالمية، وحكومتها الحالية- كما سابقاتها- تركز على تحقيق هدف يتمثل في جعل البلاد تحظى بالاعتراف كقوة عالمية... وخلال الشهر الماضي حققت كوريا الجنوبية أفضل النتائج في تاريخ البلدان الآسيوية، وذلك أثناء الأولمبياد الشتوية التي استضافتها كندا. الاقتصاد الكوري الجنوبي يحتل الآن مكانة تتراوح ما بين العاشر والثالث عشر في قائمة الاقتصاديات العالمية، علما بأن هذا البلد تعافى بسرعة من الأزمة المالية العالمية التي بدأت مع فشل "وول ستريت"، وستستضيف سيول مؤتمر قمة مجموعة العشرين G20. على صعيد آخر، لدى كوريا الجنوبية خطة طموحة للطاقة الخضراء، وتتحلى بالمبادرة في الجهود العالمية المعنية بحماية البيئة. كوريا- حسب الكاتب- تفخر بتحولها من بلد كان يتلقى المساعدات إلى بلد مانح، يساعد البلدان الفقيرة، وبعد أن كانت كوريا مشمولة بالحماية الأمنية الأميركية، التي ساهمت في تحرير البلاد وضمان استقلالها بعيد الحرب الكورية، ها هي سيول تساعد واشنطن في العراق وأفغانستان. الحكومة والشعب مشغولان بالوصول إلى أعلى المستويات المعيشية، وإلى التفوق المادي والتقني، لكن اقتصاد السوق وسّع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وهذا ما ينبغي على الحكومة مواجهته للإبقاء على التوازن الاجتماعي. وضمن هذا الإطار من المتوقع أن تنفذ الحكومة سياسات لدعم قطاعات الأعمال الكبيرة وأيضاً المشروعات الصغيرة التي تخدم محدودي الدخل. "تونج كيم" تطرق إلى كتاب ألفه "هاري لويس"، وهو عميد سابق في "هارفارد"، عنوان الكتاب "تفوق بلا روح"، وفيه خلص إلى أن الجامعة تُعد الطلاب جيداً لشغل الوظائف، لكنها لا تهذب شخصياتهم ولا تحسن أخلاقهم كي يصبحوا مواطنين صالحين... "كيم" أبدى قلقه من طغيان التحول نحو العولمة والأمركة في المجتمع الكوري، خاصة بعد إن أصبحت المؤسسات العامة والخاصة هدفاً للعولمة...فهل تريد كوريا الجنوبية أن تصبح قوة عالمية بلا روح؟ ربما حان الوقت لسيول أن تنظر لنفسها، وتقلل من سرعة اندفاعها صوب العولمة، وربما ينبغي عليها تحسين نظامها السياسي ليكون قادراً على حل المشكلات الاجتماعية والتربوية، وعلى القادة الوطنيين التفكير في ماهية الشخصية القومية التي يُفترض تربية الشعب عليها. سلام جنوب آسيا سلطت "جابان تايمز" الضوء في افتتاحيتها يوم أمس، على العلاقات الهندية- الباكستانية، وما جرى في الآونة الأخيرة من حوار بين وزيري خارجية البلدين. العقبة الرئيسية التي تمنع تقدم المفاوضات بين البلدين تكمن في عقلية المباريات الصفرية، أي أن أي مكسب لطرف يعني خسارة للآخر. وبالنسبة لإسلام أباد، فإن كشمير إقليم مسلم، ومن ثم يجب أن يكون جزءاً من باكستان، أما نيودلهي، فتعتبر الإقليم غير قابل للتفاوض، وحجر الزاوية في هويتها كبلد متعدد الإثنيات، والنتيجة هي ورطة، فباكستان تريد وضع كشمير على أجندة التفاوض، قبل الجلوس مع جارتها، فالمفاوضات باتت رهينة قرار بشأن النزاع على كشمير وفق الشروط الباكستانية. إعداد: طه حسيب