وضعت إحصاءات "صندوق النقد الدولي" الصادرة، مؤخراً، دولة الإمارات في المرتبة الأولى على مستوى دول الخليج العربي فيما يتعلق بالإنفاق على مشروعات البنية التحتيّة، حيث بلغ حجم إنفاقها على هذه المشروعات نحو 41.8 في المئة من إجمالي الإنفاق على مجمل المشروعات المنفّذة، بمتوسط إنفاق سنوي يبلغ نحو 11 مليار دولار، وهو ما يعادل نحو 4.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن يستمر التفوق الإماراتي على المستوى الخليجي في هذا المجال طوال السنوات العشر المقبلة، حيث ستنفق الإمارات بمفردها نحو 108 مليارات دولار على مشروعات البنية التحتية، بما يمثّل نحو 44 في المئة من إجمالي إنفاق دول المنطقة ككل على هذا القطاع، وفقاً لبيانات "المصرف الصناعي" الإماراتي. ولا يقتصر التفوق الإماراتي في الإنفاق على البنية التحتية على المستوى الخليجي فقط، بل يتعداه إلى المستوى العالمي، حيث تنفق الإمارات على بنيتها التحتية حالياً نحو أكثر من ضعفي إجمالي ما ستنفقه أستراليا على بنيتها التحتية طوال الأعوام الخمسة المقبلة، كما أنه يساوي تقريباً إجمالي ما ستنفقه كلّ من كندا وسنغافورة في المجال نفسه خلال الفترة نفسها، كما تتفوّق الإمارات في هذا الشأن أيضاً على ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد أوروبي، إذ إن الإنفاق السنوي الحالي للإمارات على البنية التحتية يزيد على الإنفاق السنوي لألمانيا في المجال نفسه بنحو 36 في المئة. ويعدّ هذا الإنفاق السخي لدولة الإمارات على بنيتها التحتية بالطبع مؤشراً إلى مدى حرصها على زيادة تنافسيتها الاقتصادية على المستوى العالمي، من خلال توفير البنية التحتية التي تحقّق متطلبات مختلف أنواع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية على المستوى العالمي، مع اهتمام خاص بالصناعات الأكثر تطوّراً، كصناعة الطائرات والصناعات المتعلقة بإقامة مركز للسياحة الفضائية في أبوظبي، التي تعدّ من أكثر الصناعات تقدّماً من الناحية التكنولوجية، بجانب صناعات البتروكيماويات ومشروعات الطاقة المتجدّدة. وبالإضافة إلى ذلك فإن الدولة تهتمّ بإقامة بعض الصناعات الثقيلة، مثل صناعة تجهيزات السكك الحديدية استعداداً لإنشاء مشروع "قطار الاتحاد"، الذي سيربط إمارات الدولة ببعضها بعضاً، هذا بالطبع بخلاف استكمال شبكة "مترو دبي" وإقامة شبكة مماثلة في أبوظبي، التي من المخطّط أن تستضيف أطول شبكة مترو في العالم. وبالطبع يأتي اهتمام دولة الإمارات بالبنية التحتية ضمن استراتيجية شاملة للتنمية في الدولة، تتضمّن ضمن بنود اهتماماتها أيضاً تطوير البنية القانونية والتشريعية المنظمة للمناخ الاستثماري في الدولة بوجه عام، حيث تعكف مؤسسات الدولة حالياً على صياغة قانون موحّد للاستثمار الأجنبي المباشر، من المتوقع أن يحقّق عند إطلاقه نقلة نوعية للمناخ الاستثماري للدولة بوجه عام. وبفضل هذا الاهتمام غير المسبوق للإمارات، سواءً بالإنفاق على بنيتها التحتية أو بتطوير البنية التشريعية لمناخها الاستثماري، فقد تمكّنت من أن تصبح واحدة من أكثر دول المنطقة جذباً للاستثمار الأجنبي المباشر في المرحلة الراهنة، كما أنها باتت المرشح الأكثر قدرة على اجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر خلال السنوات المقبلة، حيث من المتوقع أن يزداد نصيبها من هذه التدفّقات من نحو 10 مليارات دولار سنوياً في الوقت الحالي إلى نحو 50 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة.