يرى الدكتور فضل، مؤسس جماعة الجهاد المصرية، وأستاذ أيمن الظواهري، في كتابه "مستقبل الصراع بين طالبان وأميركا في أفغانستان" الذي كتبه من سجنه ودخوله مرحلة المراجعات الفكرية، أن زعيم تنظيم "القاعدة" كان يطمح إلى زعامة الأمة الإسلامية عبر الصدام مع أميركا. ونظراً لقدرات تنظيمه المحدودة وطموحاته الكبيرة فقد اعتمد على قدرات الجماهير الإسلامية التي يمكن تحريكها برفع الشعارات، حيث أعلن سنة 1998 عن تأسيس "الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين"، وتنفيذ بعض العمليات الاستعراضية، كعملية 11/9/2001. لكن بن لادن عاد وطلب الهدنة مع أميركا سنة 2006، والسبب في تراجعه بحسب فضل هو أنه توقع انهيار أميركا سريعاً، لكن توقعاته خابت بل واحتلت أميركا أفغانستان، "ولم يستطع منعها ولا حتى التصدي لها ولا حماية تنظيمه أو الدفاع عن "طالبان"، "بل هربوا جميعهم هروباً مهيناً". ومن دوافع الهدنة البنلادنية هو توقعه أن تثور الأمة بعد أحداث 11/9، لكن حصل عكس ذلك، فقد انقلبت الجماهير عليهم وساعدت أميركا ضدهم، حدث هذا في أفغانستان لأنهم رأوا أن "القاعدة" والعرب هم سبب الاحتلال، فأرشدوا الطائرات عن أماكنهم وأسروا بعضهم وباعوهم للأميركان. وكذلك في العراق، حين تعاون السنة في بادئ الأمر مع "القاعدة"، ثم انقلبوا عليها وقتلوا عناصرها وطردوهم بسبب بشاعة جرائمهم. وفي السعودية حين "هلل الناس في البداية لابن لادن، فلما وصلتهم هداياه بدءاً من تفجيرات الرياض 2003، انقلبوا عليه وأرشدوا السلطات على أتباعه". ويرى فضل أن طلب الهدنة مع أميركا يعني أن تأسيس جبهة قتال اليهود والصليبيين لم يكن إلا لأجل الشهرة والاستعراض والزعامة، ذلك أنها لم تصمد سوى 8 سنوات بعدها طلب بن لادن الهدنة التي هي على النقيض تماماً من أهداف جبهته، "فقد هربوا من أمام جنود الصليبيين وتخصصوا في قتل المدنيين الضعفاء للاستعراض ولصنع بطولات رخيصة من دماء الضعفاء". وطلبوا الهدنة بعد أن اشتد شر اليهود وأميركا كثيراً عما كانوا عليه عام تأسيسه الجبهة، وكان يفترض أن يكون العكس. فكيف كان جهادهم فرض عين سنة 1998، ثم حين اشتد عدوانهم سنة 2006 جاز له طلب الهدنة؟ وإذا كانت الهدنة جائزة مع أميركا بعد أن اشتد عدوانها على المسلمين، "فقد كانت تفجيرات 11/9 الاستعراضية خطأ ولم تكن ضرورة... وإذا كان استعراض 11/9 خطأ، فينبغي الاعتذار لطالبان وللشعب الأفغاني"، إلا أن بن لادن لم يعتذر "لأنه يعلم أن هذا الاعتذار ينسف أعظم أمجادهم التي تغنوا بها والاعتذار عنها يعني أنه أساء التقدير وغرر بالشباب ولا يصلح لقيادتهم ولا لزعامة الأمة الإسلامية التي يريدها. والاعتذار يعني أن المنفذين لم يكونوا شهداء كما ظنوا، وهذه هي الحقيقة، فهم أهل غدر وكبائر. والاعتذار للأفغان يعني أن بن لادن يجب أن يدفع لهم التعويضات والغرامات الحربية التي تعصف بثروته وثروة أسرته كلها". وإذا كانت الهدنة جائزة فهذا يعني أن الصدام مع أميركا لم يكن ضرورة، و"أن بن لادن غرر بالشباب ودفعهم لصدام هو مستعد للتنازل عنه بالهدنة. وإذا جاز له ذلك لينعم بالأمن والاستقرار، فلماذا أرسل الخاطفين ليفجرهم في أميركا من دون إذن أهاليهم؟ لماذا ضحى بأولاد الناس وضنّ بأولاده؟ لماذا حَرَم نفسه وأولاده من الجنة التي وعد الشباب بها؟ وإذا كان قد قرر من قبل أن الجهاد فرض عين وتاركه فاسق، فلماذا يجعل نفسه وأولاده فسّاقا بترك الجهاد؟ ويجعلهم جهالاً ومنافقين كما حكم بنفسه؟"