تمثّل نتائج الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة "يوجوف"، مؤخراً، حول مستوى الأمان الذي يشعر به سكان دولة الإمارات، التي أظهرت أن نحو 97 في المئة من المشاركين في الاستطلاع يشعرون بالأمان، خير دليل على مستوى الأمن المجتمعيّ المرتفع الذي نجحت الدولة في توفيره لسكّانها، وهو ما يأتي انعكاساً لوعي الدّولة بقضايا الأمن والاستقرار، حيث إنها تضع هذه القضايا بين أولى المهام الرئيسيّة التي تحرص على تدعيمها، باعتبارها الركيزة الأساسيّة للتنمية الشاملة والمستدامة، وتحقيق التقدّم والازدهار لأبناء المجتمع. وبالطّبع، فإن هناك العديد من المقوّمات للأمن المجتمعي الذي استطاعت دولة الإمارات أن توفّره لمواطنيها والمقيمين فيها على حدٍّ سواء، ومن هذه المقومات ما هو خارجي، ومنها ما هو داخلي، فعلى المستوى الخارجي، فإن الدّولة تحتفظ بعلاقات متينة مع دول العالم المختلفة من دون استثناء، بفضل الدبلوماسيّة الحكيمة التي تتعامل بها مع تلك الدول، الأمر الذي يوفّر لها هامشاً واسعاً للتحرك بمرونة وحرية على المستوى الدولي، ويمكّنها من حفظ أمنها واستقرار علاقاتها الخارجية من دون التعرّض لمشكلات، وهو ما ينعكس بالإيجاب على المستوى الداخلي، ويعطي الدولة الفرصة لتركيز جهودها لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي تخدم مواطنيها، كما أن العلاقات الدولية المميّزة تمكّن الدولة من الاستفادة من الخبرات الدولية، والدخول في شراكات ومشروعات مشتركة مع دول أخرى في مختلف المجالات بما يخدم أهدافها التنموية. وعلى المستوى الداخلي، فإن الدولة تتعامل مع قضيّة الأمن من منطلق أن الأمن والتنمية وجهان لعملة واحدة، كما يرد في أدبيّات التنمية، وهو ما يظهر بشكل جليٍّ في خطتها التنموية وبرامجها المستقبلية، التي تسعى بشكل دؤوب إلى تحقيق التوازن بين جانبي هذه المعادلة. وتُعدّ حالة الاستقرار والازدهار الاقتصاديين التي تعيشها الدولة في المرحلة الراهنة، التي تمكّنت بفضلها من تخطّي أسوأ مراحل "الأزمة المالية العالمية" من دون مشكلات، من أهم مقوّمات النجاح في الوصول إلى هذا المستوى المتميز من الأمن. فبفضل هذا الازدهار الاقتصاديّ الذي حافظت عليه الدولة طوال السنوات الماضية، فقد ضمنت للقوى العاملة لديها مستوى مرتفعاً من الأمان الوظيفي، واستطاعت أن تتجنّب المشكلات التنموية ذات الآثار السلبية في الأمن المجتمعي، التي تأتي على رأسها مشكلة البطالة، التي ترتبط بعلاقة طرديّة مع معدلات الجريمة، حيث كلّما ازدادت معدلات البطالة ازدادت معها معدلات الجريمة، وكلّما تراجعت معدلات البطالة تراجعت معها معدلات الجريمة. كما أن هذا التراجع في معدلات الجريمة في الدولة يعدّ من زاوية أخرى انعكاساً للدور المهمّ الذي تقوم به الأجهزة المسؤولة عن حفظ الأمن والاستقرار الداخلي، سواء كان ذلك على المستوى الاتحادي أو المحلي، التي تعمل في تنسيق تام يساعدها على جعل الإمارات واحة للأمن والأمان، بالرّغم من انتماء الدولة إلى منطقة الشرق الأوسط، التي تمثل بيئة خصبة للاضطراب وعدم الاستقرار الأمني. وبجانب كلٍّ من هذه المقوّمات، فإن التنوع الثقافي، وتعدّد الجنسيات التي تعيش جنباً إلى جنب في إطار المجتمع الإماراتي الكبير، يساعدان على انتشار مفاهيم تقبّل الآخر في مناخ يسوده التسامح والتعايش بعيداً عن أيّ احتقان أو توتر، وهو ما يساعد على نشر مفاهيم الالتزام بين مختلف فئات المجتمع وطوائفه بما يؤدّي في النهاية إلى أمن المجتمع واستقراره. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية