مزايا النظام المالي الفرنسي...ونتنياهو يؤجج الصراع الديني جيوش "الناتو" تستفيد من حرب أفغانستان، وثورة إيران غير المكتملة، وصراع ديني في الأراضي المحتلة، وخصوصية النظام المصرفي الفرنسي... قضايا نعرضها ضمن جولة سريعة في الصحافة الفرنسية. "أفغانستان مختبر جديد للحرب": في تحليل خصصته "لوموند" يوم الجمعة الماضي للحرب في أفغانستان خلصت إلى أن البلاد بما تشهده من معارك ضارية أحياناً بين قوات التحالف والمتمردين قد تحولت إلى مختبر حقيقي تُخضع من خلاله الدول المشاركة جيوشها للمراجعة وإعادة التأهيل في ضوء التحديات الجديدة للحرب، وهو ما تؤكده الصحيفة على لسان جنرال فرنسي يقول "تشكل أفغانستان عودة للحرب، وعودة للموت"، فإلى جانب الدروس الاستراتيجية الكبرى التي تستفيد منها الدول المشاركة هناك الاحتكاك اليومي لقواتها مع المتمردين والمعارك الشرسة التي عادة ما تنتهي بسقوط الضحايا، ومن العوامل المهمة التي تذكرها الصحيفة، وتقول إنها تساهم في تحويل أفغانستان إلى امتحان حقيقي للجيوش وفرصة لسد الثغرات وتصويب الأخطاء المدة الزمنية للحرب، فحسب عقيد في الجيش الفرنسي لم يخض الجيش الفرنسي "حرباً مباشرة منذ الحرب في الجزائر، وهو ما دفعنا في الأخير إلى التأقلم مع المعارك". ورغم الخطط التي يضعها خبراء الاستراتيجية العسكرية في غرف القيادة، لا سيما فيما يتعلق بأساليب مكافحة التمرد تقول الصحيفة نقلًا عن ضباط فرنسيين إن الممارسة اليومية للقتال أتاحت للجيوش المشاركة فرصة تطوير تلك الأساليب وتجريبها على أرض الواقع. هذا التعامل المباشر مع الحرب لم تقتصر فائدته على الجيش الفرنسي، بل امتدت أيضاً إلى الجيوش المشاركة الأخرى، فقد اكتشفت بولندا على سبيل المثال تقادم آلياتها العسكرية بعد مشاكل عانى منها جنودها لدى استخدامهم لمعدات تعود إلى فترة الحرب الباردة فاضطرت إلى تزويد قواتها بآليات جديدة ومتطورة. "إيران والثورة الناقصة": يرى الباحث بجامعة السوربون، أوميد سعيدي، في مقال نشرته يوم الخميس الماضي صحيفة "لوموند" أن إيران لم تستكمل بعد ثورتها على الاستبداد التي انطلقت في العام 1979 فرغم الإطاحة بنظام الشاه وإزاحة الهيمنة الغربية على المقدرات الإيرانية لم يتخلص الشعب وقواه الحية من الحكم الاستبدادي، كما أن الديمقراطية التي كانت الهدف الأساسي للثورة لم تتحقق بعد، هذا الهدف والمتمثل في إقرار نظام ديمقراطي يطلق إمكانات الشعب في التقدم والتحرر الحقيقي يرجع إلى العام 1906 عندما بدأت أولى المحاولات الإيرانية لصياغة دستور يحمي الحقوق الفردية ويقطع مع الملكية المطلقة كما كانت سائدة في إيران، ومنذ ذلك الحين يقول الباحث وإيران تعيش مخاض التحول والانتقال الديمقراطي غير الناجز إلى أن جاءت لحظة الثورة الإسلامية بآمالها الكبيرة التي اختطفها رجال الدين وحولوها إلى نظام ديني، وفي هذا السياق من التحول والمخاض المستمرين يمكن قراءة الأحداث الأخيرة التي تلت الانتخابات الرئاسية، وتشكل ما بات يعرف بـ "الحركة الخضراء"، هذه الحركة التي استأنفت الصراع القديم من أجل الديمقراطية، وأظهرت أيضاً دينامية المجتمع الإيراني التواق دائماً إلى الحرية، فحسب الكاتب لم تكن حركة الاحتجاجات والمظاهرات الحاشدة التي اجتاحت شوارع المدن الإيرانية والارتباك، الذي بدا واضحاً على السلطات خطوة منظمة خاضعة لقيادة صارمة، أو لنخبة من الزعماء تحرك خيوطها في الشارع، بل كانت حركة تلقائية انبثقت من أعماق المجتمع للتعبير عن مطالب دفينة لديه لم يعد من الممكن كبتها، وهو ما يفسر في نظر الكاتب الصعوبة التي وجدتها السلطات في التعامل معها، وفشلها في تحميل مسؤولية الحركة لقيادة بعينها. "نتنياهو يحيي الصراع الديني": كتب "مارك هنري" مقالًا في صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية يوم الثلاثاء الماضي يتطرق فيه إلى قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بضم مواقع دينية مقدسة للمسلمين واليهود معاً، وهي مسجد بلال بن رباح والحرم الإبراهيمي في الخليل، والذي يضم رفات الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب، باعتباره قراراً خطيراً من شأنه تأجيج العنف، وربما التسبب في قيام انتفاضة فلسطينية احتجاجاً على ضم مواقع توجد داخل الأراضي المحتلة يفترض أن تكون جزءاً من الدولة الفلسطينية؛ ويشير الكاتب أن رئيس الوزراء لم يكن راغباً في البداية ضم الموقعين إلى قائمة التراث اليهودي، لكنه مورست عليه ضغوط من قبل المستوطنين والأحزاب اليمينية المشاركة، فالحكومة تخضع في النهاية، رغم حساسية الموضوع ليس فقط للفلسطينيين، بل لعموم المسلمين، ولم تتأخر ردة الفعل الفلسطينية على لسان المسؤولين الذين نددوا بالضم، واعتبروه محاولة أخرى لفرض الأمر الواقع وسرقة المزيد من الأراضي، كما أن الدول المجاورة مثل مصر والأردن عبرت عن انزعاجها للتحرك الإسرائيلي الذي لا يقيم وزناً للمقدسات الإسلامية، والأكثر من ذلك، يقول الكاتب، إن الاستفزاز الإسرائيلي الأخير الذي بررته الحكومة بأن الموقعين سيستفيدان من تمويل حكومي لترميمهما يأتي في وقت تُبذل فيه جهود كبيرة لإعادة الحياة للمفاوضات المتوقفة وإقناع الفلسطينيين بالجلوس مع الإسرائيليين. "خصوصية البنوك الفرنسية": في مقال نشرته صحيفة "لاتريبون" يوم أمس السبت تناول المحلل محمد أجومي مسألة الإصلاحات البنكية التي تنخرط فيها السلطات الفرنسية والأوروبية للخروج من الأزمة المالية التي تعصف بالنظام الاقتصادي العالمي، فقد دعا إلى ضرورة الاستفادة من النموذج المصرفي المعمول به في فرنسا والقائم على مجموعة من الضوابط أثبتت فعاليتها خلال الأزمة حيث كان النظام المالي الفرنسي الأقل تضرراً، بل ساهم بقدر معقول في دفع عجلة الاقتصاد بعدما استطاعت فرنسا بالذات تحقيق نمو اقتصادي طفيف مقارنة مع باقي دول منطقة الأورو؛ ومن تلك المقومات التي يشير إليها الكاتب الاحتفاظ بسيولة مهمة في البنوك وعدم المجازفة بها من خلال استثمارات عالية الخطورة كما حصل في الولايات المتحدة، فرغم الصعوبة النسبية في الحصول على القروض في النظام المصرفي الفرنسي عموماً، إلا أن ذلك ليس راجعاً إلى رغبة في التقوقع والإحجام عن الاستثمار، كما يقول الكاتب، بل راجع إلى دراسة متأنية للفرص الاستثمارية وعدم الزج بأموال المودعين في مجازفات تنطوي على خطورة عالية دون أن يكون لدى البنك ما يكفي لمساندتها في حالة تعثر تلك الاستثمارات، أما المقوم الثاني الذي يدعو الكاتب إلى تعزيزه في النظام المالي الفرنسي، فيتمثل في التأمين على البنوك وفصل التأمين عن إدارة البنك، وهو ما يؤدي إلى إنعاش سوق التأمين في فرنسا من جهة ويوفر الضمانات الضرورية للمودعين، بل حتى المساهمين في البنوك ويجنبها ويلات الإفلاس وتهديد انهيار الاقتصاد المعتمد بشكل متزايد على تمويلات المصارف. إعداد: زهير الكساب