توجّه وزارة التربية والتعليم إلى تأسيس "مركز لرعاية الموهوبين" بالتعاون مع إدارة "جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز"، يجسّد بوضوح الاهتمام الذي توليه الدولة وقيادتنا الرشيدة للموهوبين والمتفوّقين في الدولة في المجالات كلّها، باعتبارهم القاعدة الأساسيّة لبناء مجتمع أكثر عطاءً في الحاضر والمستقبل. أهميّة "مركز رعاية الموهوبين" الجديد لا تكمن في الارتقاء بقدرات الطلاب وتنمية مهاراتهم في مختلف المجالات العلميّة والمعرفيّة، والحفاظ على مواهبهم التي تعدّ ثروة بشرية نافعة للمجتمع فحسب، وإنما أيضاً في كونه سيحدّد الإطار أو طرق الاتصال المناسبة مع المؤسسات الدولية التي ترعى الموهوبين لاستقطاب الدعمين المادي والعلمي لهم، ومن ثمّ وضعهم على الطريق الصحيح بعد اكتشاف قدراتهم ومهاراتهم ومجالات تميّزهم، بما يؤدّي إلى استغلال مواهبهم وتسخيرها في خدمة الوطن في المجالات المختلفة، ولاسيّما أن مجال عمل هذا المركز لن يقتصر على الأنشطة التعليميّة، خاصة لجهة اجتذاب الطلبة الموهوبين في العلوم والرياضيات وتقنية المعلومات على وجه التحديد، ورعايتهم وتأهيلهم في هذه العلوم، وإنّما سيهتم بالأنشطة الرياضيّة أيضاً، وسيعمل على اكتشاف الطلبة الموهوبين في الألعاب الرياضيّة المختلفة، والعمل على تأهيلهم والارتقاء بقدراتهم. وعلى هذا، فإن هذا المركز والأهداف الإيجابية التي سيسعى إلى تحقيقها تنطوي على مردودات إيجابية عدّة، لأن هؤلاء الموهوبين يمكن أن يقوموا بدور إيجابي في مناحي الحياة كافّة، بدءاً من التعليم، ومروراً بخدمة المجتمع وعملية التنمية، وانتهاءً بالرياضة. فهذا المركز، ومن خلال رعايته الموهوبين والمتميزين في العمليّة التعليميّة، يسهم في اكتشاف العنصر البشري المميّز والنوعي الذي يعدّ أحد الأركان الرئيسية في عملية التنمية، ولاشكّ في أن هذا ينطوي على أهميّة كبيرة في هذه المرحلة التي تشهد تطورات وتحولات جذرية في ميادين الحياة كافة، ورهان الدولة الأول فيها يعتمد في الأساس على موارد بشريّة نوعيّة تقود هذا التحول. إن تجارب التنمية والتقدّم عبر التاريخ تشير جميعها إلى أنه لا يمكن لأيّ دولة أن تنهض في غياب الإنسان القادر على النهوض بأعباء التنمية ومسؤولياتها، ولا يمكن لها أن تحافظ على نهضتها، وتوفّر سياج الحماية لها من دون هذا العنصر البشري. وتؤكد تجربة الإمارات هذا المعنى بوضوح، حيث كان الاهتمام بالإنسان هو الأساس الذي قامت عليه النهضة التي تعيشها الدولة اليوم، وإن هذا الاهتمام لا يتوقّف على الاحتياجات المادية الأساسية، بل يتعداها إلى مدى أوسع يشمل فتح آفاق المعرفة والإبداع أمامه، بحيث يكون مشاركاً قوياً وفاعلاً في إيجاد حلول ناجعة للقضايا التي يواجهها العالم، وهذه هي غاية مركز رعاية الموهوبين وهدفه. كما أن هذا المركز، ومن خلال رعايته الموهوبين في الألعاب الرياضية المختلفة، سيسهم بدور مهمّ وإيجابي في إمداد المنتخبات الوطنيّة المختلفة بمهارات رياضية وعناصر متميّزة تكون قادرة على المشاركة في المسابقات والأولمبياد العالمية، وفق قدرات تنافسية عالية تمكّنهم من تحقيق النتائج المرجوة، ومن ثم رفع اسم الإمارات في المحافل الرياضيّة العالميّة. وبمعنى آخر، فإن المركز قد يكون وسيلة ربط بين الرياضة المدرسية والأندية الرياضية لرفد الرياضة الوطنيّة بالممارسين أصحاب الكفاءة والممارسة الواسعة للحصول على نتائج رياضية عالية في المسابقات الرياضية العالمية. "مركز رعاية الموهوبين"، ورعايته المتميّزين في المجالات المختلفة، والارتقاء بمهاراتهم، وتطوير قدراتهم، هي صناعة للمستقبل واستثمار فيه، خاصة مع حاجة الدولة إلى جهود شبابها في إنجاز مهام التنمية بكفاءة وفاعليّة، ورفع اسمها خفّاقاً في المسابقات الدولية.