هل الخليج مقبل على حرب جديدة؟ المنطقة مازالت تعيش احتقانا أوراقه متداخلة. فمن حدث اغتيال أحد قياديي "حماس" في دبي، مروراً بسلسلة البلاغات الكاذبة التي تواجهها الكويت، والانتخابات العراقية التي تشتد معاركها، وصولا إلى الملف النووي الإيراني بما يحتويه من عقوبات متوقعة، وانقسام خليجي في السياسات، والعنف على الحدود اليمنية السعودية، والاضطراب في اليمن، وتعقد الموضوع الفلسطيني، والتقارب السوري السعودي، ... كل هذه الخيوط ترتبط ببعضها البعض مما يضاعف صعوبة الموقف بالنسبة للإدارة الأميركية في كيفية الوصول إلى صيغة تهدئ من الصراع في الشرق الأوسط. الملفات الشرق أوسطية في غاية التعقيد، والولايات المتحدة في ظل إدارتها الحالية لا تملك رؤية شاملة لفك خيوط الصراع طالما أن هناك غيابا لتوافق عالمي حول شكل النظام العالمي الجديد. فالصين قوة ناهضة ولا يمكن عزلها، وروسيا لديها طموحات الماضي وتعمل على استعادة دورها العالمي باعتبارها قوة عالمية ما زالت تحتفظ بقوتها، وأوروبا منقسمة على نفسها حول إحداث تحول في فرض إرادتها لتهدئة بؤر الصراع في ظل التحولات العالمية... يرافق ذلك اختناق أميركي في فهم أبعاد التحولات العالمية، لكون الولايات المتحدة مازالت تتبع سياسة التهميش لحلفائها. والملاحظ أن الأحداث سريعة الإيقاع بينما الفعل يتسم بالبطء في الإقليم الخليجي، رغم كونه حاضراً وبشكل مركزي في حسابات الأطراف جميعا. ويرجع ذلك البطء إلى غياب الانسجام في السياسات الخليجية حيال بؤر الصراع، وعلى سبيل المثال في حالة الملف الإيراني لدينا تفاوت في المواقف الخليجية بينما إيران لديها اتساق في سياستها، حتى بين الإصلاحيين والمحافظين. ولعلنا نذكر أن دول الخليج العربي تحاول النأي بالمنطقة عن الصراع والوصول إلى صيغة سلمية حول الملف النووي الإيراني، بينما يتواصل التصعيد من جانب الأطراف المختلفة في هذا الملف، وهو تصعيد قد يؤدي إلى جر المنطقة نحو صراع ساخن لا تحتمله أوضاعها وغير مهيأة له أصلا. أما الدول العربية من جهتها فتعيش حالة انفلات، وكلٌ منها منغمس في أوضاعه الداخلية المضطربة، مما يعني أن الضعف في اتخاذ القرار أصبح سمة في عالمنا العربي، خصوصا إزاء العلاقة الأميركية الإسرائيلية التي تخل بكثير من المعادلات وتدفع نحو مزيد من التوتر. ومشروع الدولة الفلسطينية معطل، ليس لأسباب عالمية فقط، وإنما أيضاً بسبب الخلافات العربية العربية وغياب الرؤية المشتركة. وعلى الجانب الآخر، نجد حالة مخاض داخلي تعيشه إيران، لاسيما في ظل الخلاف الناشئ بين أقطاب المؤسسة الدينية، وهو مخاض يبدو مفتوحاً على سيناريوهات مختلفة لا نعرف على وجه التحديد أيها ستكون له الغلبة في نهاية المطاف. لكن على العموم فهناك في إيران حالياً حراك نشط وعودة لإحياء النزعة الوطنية باعتبار أن التهديد واقع من الأعداء ومن ثم فمن يعارض النظام يساند العدو! وعموماً فإن دول الإقليم الخليجي تطالب بالحل السلمي لمجمل الصراعات وقضايا الخلاف، خصوصا فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، إلا أن الضعف العربي لا يصب في اتجاه تخفيف حدة الصراع، بل يغري الأطراف الأخرى ويدفعها لتبني سياسات تتسم بالمواجهة والتصعيد.