برنامج الشراكة مع دول "الباسيفيك" الذي تم تدشينه خلال زيارة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، لعدد من دول المنطقة، خلال شهر فبراير الجاري، يعكس بوضوح سياسة دولة الإمارات في الحرص على إقامة علاقات متوازنة مع دول العالم كلّها، والتحرّك تجاه القوى الدولية في مختلف الأقاليم الجغرافيّة. فكما أشار سموه، فإن هذا البرنامج "يتماشى مع جهود صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله-، وحرصه على استمرارية السجلّ الحافل لدولة الإمارات في مجال التعاون الدولي، وجهودها في تقديم المساعدات الخارجية المتنوّعة التي تمثل ركناً أساسياً واستراتيجياً في سياستها الدولية". إن برنامج الشراكة مع دول "الباسيفيك" ينطوي على معانٍ ودلالات عميقة عدّة، أولها أنه يعكس سمة أساسيّة لسياسة دولة الإمارات العربية المتحدة، ألا وهي التضامن مع دول العالم في مختلف التحديات التي تواجهها، وتقديم المساعدات اللازمة إليها. وبرنامج الشّراكة مع دول "الباسيفيك" هو أحدث المبادرات في هذا السياق، حيث تصل تكلفته إلى نحو 183 مليون درهم (50 مليون دولار)، ويهدف في الأساس إلى تمويل مشروعات وشراكات محدّدة مع جزر المحيط الهادي، تهتم بمجالات مختلفة تشمل تطوير الخدمات التعليميّة والاجتماعيّة والصحيّة والبنية التحتيّة لهذه الدول. ثاني هذه المعاني يتعلّق بالدور الريادي لدولة الإمارات في مجال الطاقة المتجدّدة، فأحد أبعاد برنامج الشراكة هو مساعدة دول "الباسيفيك" في هذا المجال الحيوي، والاستفادة من القدرات والخبرات الكبيرة التي تمتلكها دولة الإمارات فيه، بعد أن أصبحت مقراً للوكالة الدولية للطاقة المتجدّدة "إيرينا"، وأخذت على عاتقها قيادة المبادرات الدوليّة في هذا المجال الحيوي. في هذا الإطار، فقد وقّع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، خلال زيارته لمملكة تونجا، مذكرة تفاهم مع ولي عهدها تضمّنت "مساعدة المملكة على إنتاج 50 في المئة في مجال الطاقة المتجدّدة". التزام الإمارات تقديم المساعدة في مجال الطاقة المتجدّدة، لا ينفصل عن اهتمامها بدعم التعاون الدولي في مجال البيئة، لأن تقنية الطاقة المتجدّدة ترتكز في الأساس على تطوير تكنولوجيات إنتاج طاقة منخفضة الكربون وتطبيقها على مستوى العالم، وبالتالي تحقيق نقلة نوعيّة كبيرة لمصلحة البيئة على المستوى الدولي. ولا شكّ في أن الإمارات تقدّم من خلال برنامج الشراكة مع دول "الباسيفيك" نموذجاً جديداً للتعاون في مجال مواجهة الآثار المناخيّة عابرة الحدود، فأحد أهداف هذا البرنامج هو مساعدة هذه الدول على اتخاذ الإجراءات اللازمة للتكيّف مع التغير المناخي، وفي الوقت نفسه الاعتماد على بدائل الكربون المنخفض، وهذا يؤكّد بوضوح أن الإمارات أصبحت من الدول الرائدة في الاهتمام بالبيئة، وأنها باتت شريكاً رئيسياً في أيّ جهد إقليمي أو دولي لمعالجة التأثيرات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية للتغيّر المناخي. المعنى الثالث الذي ينطوي عليه برنامج الشراكة مع دول "الباسيفيك"، هو أن الإمارات أصبحت طرفاً فاعلاً في الشراكة العالميّة من أجل بلوغ أهداف الألفية، التي لا تتوقف عند حدّ تقديم المساعدات التنموية إلى دول العالم، بل الدخول في شراكات معها لمواجهة التحديات التي تواجه عملية التنمية فيها أيضاً، ولذا فإنها من أكثر الدول الملتزمة تنفيذا لتوصيات المؤتمرات المعنيّة بالتنمية، ناهيك عن مساهماتها المنضبطة في وكالات الأمم المتحدة ومؤسسات المساعدات متعدّدة الأطراف الدولية والإقليمية، إلى جانب المساهمة المباشرة في تنفيذ برامج التنمية في البلدان النامية. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية