لاشك أن حكومة "اليمين" الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو لا تنوي التخلي عن المعتقدات الأيديولوجية التي يؤمن بها حزب "الليكود"، في اعتبار الضفة الغربية جزءاً من أرض الدولة الإسرائيلية، وقلنا إن من يعتقدون أن حكم "اليمين" هو الذي سيحقق التسوية مع الشعب الفلسطيني باعتباره الحكم الأقوى القادر على اتخاذ القرارات الكبرى، هم في الحقيقة واهمون. وكذلك أوضحنا أنه من الخطأ القياس على سابقة معاهدة السلام مع مصر، والتي قام فيها زعيم "اليمين" مناحيم بيجين بالتوقيع على الانسحاب من سيناء. إدراكنا للأمور السابقة لم يمنعنا من إعطاء الأمل فرصة أخرى مع الخطاب الذي ألقاه أوباما في القاهرة في يونيو الماضي، وأعلن فيه التزامه بتحقيق السلام. في الشهرين الماضيين توافرت دلائل على تراجع التوقعات التي أطلقها الرئيس الأميركي في القاهرة في يونيو الماضي، وأعلن فيها التزامه بتحقيق السلام. في الشهرين الماضيين توافرت دلائل على تراجع التوقعات التي أطلقها أوباما، واعترف هو نفسه بأن الأمور أصعب مما يتصور. هنا أصبح الجميع يدركون أن عملية السلام قد دخلت الثلاجة، ومع ذلك بقي بيننا من يحاولون انتشال الوضع من وهاد اليأس. لقد وقعت مواجهة كاشفة للمدى الذي وصلت إليه العجرفة الإسرائيلية في المؤتمر الدولي الذي عقدته الجمعية البرلمانية لدول البحر المتوسط بالتعاون مع الأمم المتحدة في مالطا يومي 12 و13 فبراير الحالي. في الجلسة الافتتاحية تحدث صائب عريقات مبيناً الصعوبات الناتجة عن التصلب الإسرائيلي، وقال هناك بديلان، الأول خيار الدولتين المتجاورتين واحدة للشعب الفلسطيني والثانية إسرائيل، أما البديل الثاني إذا تعذر الأول، فهو خيار الدولة الواحدة التي يعيش فيها الشعبان معاً. بعد ذلك تحدث الممثل الإسرائيلي السفير السابق "ألون ليل"، والذي يعمل حالياً محاضراً بجامعة القدس، متباهياً بقدرة إسرائيل على التأثير في المجال الدولي. ثم قال إن صائب عريقات قد أشار إلى بديلين فقط، متناسياً أن هناك بديلاً ثالثاً، هو بديل الاعتراف بالأمر الواقع والتعامل معه، موضحاً أنه يقترح على الفلسطينيين قبول ما تعطيه لهم إسرائيل، حيث إن المسافة كبيرة بين ما يطلبه الفلسطينيون وبين ما تريده إسرائيل وليس لإسرائيل مصلحة في تقديم أي تنازلات، صائحاً: "عيشوا الواقع"، لقد ذهب أولمرت وجاء نتنياهو. هنا تصدى لهذا المتحدث الإسرائيلي البرلماني المصري ورئيس لجنة الصناعة بمجلس الشعب محمد أبوالعينين في مواجهة سياسية صريحة قائلاً: إن هذا ليس منطق السلام وإن أسلوب العجرفة الإسرائيلي هذا لا يمكن قبوله عربياً أو دولياً، ودعا العالم والمؤتمر إلى الحد من مخاطر هذا الأسلوب، مطالباً المجتمع الدولي بوضع معالم الحل النهائي لوقت التهرب الإسرائيلي. لقد حذر أبوالعينين من أن هذه العجرفة الإسرائيلية ستفجر المنطقة وتدفعها إلى العنف والإرهاب مرة أخرى، وطالب أميركا بالتحرك الفعال. إن هذه المواجهة تكشف المدى الذي بلغته الأطماع والعجرفة من ناحية، وتكشف التحدي الذي تواجهه القمة العربية المقبلة.