مبادرة القوافل الثقافية لعام 2010 التي تقودها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، تحت شعار "مجتمعنا أمانة" إلى مختلف المناطق في الدولة بصورة شهرية حتى نهاية العام، تجسد بوضوح الأهمية التي توليها الدولة للثقافة، ليس في نشر الوعي وحسب، بل في خدمة المجتمع وتنميته أيضاً. فالثقافة تعد ركيزة من ركائز التنمية الشاملة، ومقياساً لنوعية النمو ونجاحه، لدورها المهم في تنمية وعي الإنسان وسلوكه وخبرته، الذي يعتبر محرك التنمية الشاملة، وفي نشر القيم الإيجابية التي تكرس الانتماء إلى الوطن وتشجع على التقدم وتحفّز على المشاركة والمبادرة. من هذا المنطلق تنطوي "مبادرة القوافل الثقافية" على مردودات إيجابية عديدة، فهي من ناحية تكرس مبدأ الشراكة المجتمعية بين العديد من الهيئات والجهات المختلفة داخل الدولة، فرغم أن هذه المبادرة في الأساس ذات طابع ثقافي وفكري، فإن جهات مختلفة تتعاون مع وزارة الثقافة في تنفيذها، كـ"هيئة الهلال الأحمر"، والقيادة العامة لشرطة دبي، ووزارة الصحة، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الأشغال العامة، ومؤسسة مواصلات الإمارات. وهذا يعكس في جانب منه إحساس هذه المؤسسات بالمسؤولية المجتمعية وكيف أن هذا المفهوم قد أصبح يأخذ مكانه بقوة على الساحة الإماراتية، وهو من المفاهيم التنموية المهمة في الدول المتقدمة. والمبادرة بهذا المعنى هي ترجمة واضحة للدعوة التي وجّهها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله إلى الشعب في مناسبة العيد الوطني الثامن والثلاثين في شهر ديسمبر الماضي، إلى التلاحم المجتمعي الذي "يرسّخ قيم التماسك الأسري والتكافل الاجتماعي والشراكة المجتمعيّة". كما أن هذه المبادرة من ناحية ثانية ذات أهداف متعددة لا تقتصر وحسب على الجانب الثقافي والفكري، وإنما تتعداه إلى كل ما من شأنه خدمة المجتمع ورفاهيته. فالشعار الذي تنطلق منه المبادرة "مجتمعنا أمانة" يشير بوضوح إلى غاياتها النبيلة، وفي مقدمتها تعزيز قيم الثقافة المجتمعية لدى جميع الأسر والأفراد على أرض الدولة، وبناء شراكة منتجة ومؤثرة مع أبناء الوطن كافة، بالإضافة إلى نشر القيم الثقافية والوطنية والمجتمعية وترسيخها في المناطق كافة على مستوى الدولة، ونشر مفاهيم العمل الجماعي والعمل التطوعي وآليات تعزيز الترابط والتكافل بين أفراد المجتمع، وتعميق مفهوم الأسرة، وإحياء قيم التكافل الاجتماعي والشراكة المجتمعية، وتمكين المرأة وحماية الطفل وكبار السن، وتعبئة الطاقات الوطنية الشابة، والمحافظة على التواصل بين الأجيال. ولا شك في أن نشر هذه القيم الإيجابية بين أفراد المجتمع، وإدراكهم لمعانيها ومضامينها المختلفة، يمثل حائط الصد الأول في مواجهة التأثير السلبي للمتغيّرات الكبيرة التي يمرّ بها المجتمع وتنطوي على تهديد لتماسكه الاجتماعي والثقافي. كما أن هذه المبادرة من ناحية ثالثة تنسجم مع توجه الدولة نحو التنمية المستدامة، التي تعتمد على تحقيق التنمية بمفهومها الشامل في مختلف المجالات، الاقتصادية والمجتمعية والبشرية، وضمان وصول نتائجها إلى أبناء الشعب جميعهم، فالقيم التي تسعى المبادرة إلى نشرها بين أفراد المجتمع لا تنفصل عن التنمية المستدامة التي ترتكز بالأساس على "تنمية المجتمع وبناء الإنسان وتحقيق التكافل والتكامل الاجتماعيين في مجتمع الإمارات"، حيث لا تهتم الدولة بالتنمية بمفهومها الاقتصادي فقط، وإنما تعمل على تكريس أبعادها الثقافية والاجتماعية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية