"مشترك" هو اسم عملية "الناتو" التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية بالتعاون مع القوات الحكومية الأفغانية لمحاربة "طالبان" بأفغانستان في عملية هي الأكبر منذ إسقاط نظام "طالبان" عام 2001. والاسم مأخوذ من العربية ويقصد به الدلالة على إشراك أكثر من طرف في هذه العملية، فالمقصود بأن المشارك في العملية العسكرية هذه ليست الولايات المتحدة و"الناتو" وحسب، ولكن حتى القوات الحكومية الأفغانية. تعتبر كلمة "مشترك" حديثة نسبية، وهي مشتقة من كلمة "شرك"، ومنها اشتق الشِّرْك، والشركة التجارية والشراكة والشريك والشريكة (الزوجة الأخرى). والمشروك في الدارج تعني المشترك، فيقال في لهجة أهل الخليج: "كل مشروك مبروك". بل وحتى كلمة اشتراكية اشتقت من نفس المصدر وهي كذلك حديثة نسبياً. ومن مشتقات كلمة شرَكَ، الشَّرَك، وهي تعني الفخ، وجمعها -على عكس الدارج- شُرُك، لكن الدارج هو شِراك، وهي مفارقة تعكس الشراك التي وجدت الولايات المتحدة الأميركية بإدارتها الحالية نفسها تسقط فيها، فمن الواضح أنها لا "تعرف رأسها من كرياسها"، وخصوصا بقيادة السيدة هيلاري كلينتون -وزير الخارجية- التي لا تقنع أحداً بخطاباتها ولا بكلامها الذي يشعر المستمع إليه أنه يستمع لآلة تسجيل تعيد ما تم تخزينه فيها. السيدة كلينتون زارت المنطقة الأسبوع الماضي لتحذر من خطر البرنامج النووي الإيراني ونواياه التسليحية، وكأن المنطقة بحاجة إلى تذكير حتى بدون سلاح نووي، ولكن السيدة كلينتون تتعامى عن مشكلة المشاكل -وهي المشكلة الفلسطينية التي لم تتطرق لها السيدة كلينتون إلا حين تسأل عنها لتردد كلاماً مكرراً لا طعم له ولا لون ولا رائحة: حل الدولتين والعيش بسلام لكن الخيار يبقى للطرفين فلا أحد يستطيع أن يفرض عليهما هذا الخيار! هل هذا منطق يصدقه من كان له عقل؟ هل تريد السيدة كلينتون أن بلادها غير منحازة لإسرائيل ولا تدعمها دون قيد أو شرط؟ الخلطة العجيبة التي تعكس تخبطاً في سياسة الإدارة الحالية بواشنطن تريد قرارا أممياً من مجلس الأمن بفرض عقوبات اقتصادية على إيران. وهذا القرار لن يصدر دون موافقة الدول دائمة العضوية بالمجلس، وأخصها روسيا والصين. الأولى تقدم قَدماً وتؤخر أخرى طمعاً في مكاسب قبل الموافقة على تلك العقوبات. والصين لا تؤيد العقوبات الاقتصادية من حيث المبدأ لكنها قد تمتنع عن التصويت على القرار دون استخدام حق "الفيتو". الولايات المتحدة استفزت الصين وهي أحوج ما تكون لتأييدها، فراحت تسلح تايوان ويستقبل رئيسها بالبيت الأبيض الدلاي لاما -زعيم التبت- في توقيت أقل ما يقال عنه إنه يفتقد الحصافة السياسية. حاولت الإدارة الأميركية عدم تسليط بهرجة إعلامية على اللقاء، لكن توقيته يعكس نقص خبرة كبيرة في سياسة أوباما الخارجية. لكن يسجل للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في فترة أوباما-كلينتون إعادة العلاقات مع سوريا وعودة سفيرها لدمشق. صحيح أن الهدف من ذلك واضح بمحاولة كسب -أو ربما تحييد- أهم حليف لطهران في المنطقة، لكنه يعبر أيضاً عن يأس الإدارة الحالية من إمكانية تحريك مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ولو مؤقتاً. عراقياً، تضع كلينتون يدها على قلبها بأن تمر الانتخابات العراقية القادمة بشكلها المهلهل بأقل قدر ممكن من الخسائر، فالأهم هو آلية الانتخابات لا نتائجها. السياسة الخارجية الأميركية الحالية تقع في "شرباكة" بلهجة أهل الخليج، وهي تتخبط دون أولويات، أو هي أولويات معكوسة، تقود من شرباكة إلى أخرى، أي من ورطة إلى أخرى.