أميركا تعود إلى الطاقة النووية ...و"تضارب المصالح" يهدد الانتخابات العراقية أوباما يعتمد خطة بمليارات الدولارات لإنشاء مفاعلات نووية جديدة، وسياسة واشنطن تجاه أفغانستان تحفز الأدوار الإقليمية للعب دور في ما بعد انسحاب القوات الأميركية من هذا البلد، ومخاوف من منع بعض المرشحين العراقيين من خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة...موضوعات نضعها تحت الضوء ، ضمن جولة سريعة في الصحافة الأميركية. المستقبل للطاقة النووية تحت عنوان "دفعة منطقية في مجال الطاقة النووية"، أشارت "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها لأول من أمس إلى قرار الرئيس أوباما باعتماد ضمانات قروض بقيمة 8.3 مليار دولار لبناء مفاعلين نوويين في ولاية جورجيا، وإعادة تفعيل قطاع الطاقة النووية. صحيح أن كثيراً من أنصار البيئة يريدون من أوباما، وضع كل أوراقه في مجال رفع كفاءة الطاقة المتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية، لكن الطاقة النووية التي تنجم عنها كمية أقل من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، مقارنة بالوقود الأحفوري، يجب أن تكون جزءاً من "سلة الطاقة" التي تعتمد عليها أميركا، في وقت يطفو اتجاه نحو عالم أقل إنتاجاً لغازات الكربون. الآن يوجد في الولايات المتحدة أكثر من 100 مفاعل نووي يزود البلاد بخُمس احتياجاتها من الطاقة الكهربائية.كما أنه لم يتم بناء أي مفاعل نووي جديد منذ عام 1979 الذي وقع فيه حادث "ثزي مايل أيلاند". وفي الوقت الذي لم تنهمك الولايات المتحدة في مسألة الطاقة النووية، تحمست دول أخرى لخوض هذا المجال، للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتقليل الاعتماد على النفط المستورد، كما يعتبر كثيرون أن الطاقة النووية توفر مجالاً قوياً لمنتجات ستلقى سوقاً رائجة للتصدير. وتشير الصحيفة إلى أن إجراءات السلامة في قطاع الصناعات النووية تحسنت كثيراً منذ عام 1979، فالجيل الجديد من المفاعلات النووية، مزود بتقنيات متطورة وبوسائل رقابة فائقة، ما يجعله أكثر أمناً. العقبة الرئيسية أمام تطوير قطاع المفاعلات النووية المستخدمة لإنتاج الطاقة الكهربائية تكمن في التمويل، فكلفة بناء مفاعل واحد تصل إلى 7 أو 8 مليارات دولار... ويحتاج المفاعل وقتاً طويلاً كي ينتج الطاقة ويدر مداخيل، لذا لا يجد الاستثمار في مجال المفاعلات ترحيباً من البنوك التي ينبغي عليها تقديم القروض لبناء المفاعلات. من اللطيف التفكير في قدرة القطاع الخاص على التعامل مع تمويل المفاعلات، لكن هذا السيناريو لا نجده في بلدان أخرى كثيرة، فالحكومات عادة هي التي تمول هذا النوع من المشروعات. الأمر بحاجة إلى مغامرة تستحق الاهتمام، وهذا يتطلب عودة الولايات المتحدة إلى الاستثمار في المفاعلات النووية، من أجل حماية المناخ وتوفير مستقبل أفضل للطاقة، وخلق مزيد من الوظائف في قطاع التقنيات النووية. جديد الساحة الأفغانية في افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي، وتحت عنوان "القبض على أحد قيادات طالبان والمناورة من أجل أفغانستان ما بعد الوجود الأميركي"، استنتجت "كريستيان ساينس مونيتور" أن تحديد أوباما لعام 2011 موعداً لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، قد دفع الهند وباكستان والحكومة الأفغانية نحو التحرك. الصحيفة تقول إن الأحداث في أفغانستان تتحرك بسرعة وعلى نحو درامتيكي منذ الأول من ديسمبر الماضي، خاصة بعدما حدد الرئيس الأميركي موعداً لسحب قواته من هذا البلد. الصحيفة ترى أن اللاعبين الأساسيين يحاولون ملء الفراغ المتوقع بعد خروج القوات الأميركية، على سبيل المثال، ساعدت باكستان- أخيرا- وكالة الاستخبارات المركزية- في القبض على الملا عبدالغني بارادار، الرجل الثاني في "طالبان-أفغانستان". هذا ليس فقط ضربة لـ"طالبان" في قتالها للأميركيين وغيرهم من عناصر "الناتو"، بل أيضاً ستساعد باكستان على تحسين مكانتها ونفوذها داخل أفغانستان في مقابل النفوذ الهندي، خاصة بعدما ترحل القوات الأميركية من المنطقة. النتيجة الأخرى التي قد تترتب على تحديد موعد الانسحاب من أفغانستان، هي دعوة الهند لاستئناف الحوار مع باكستان، وقبول إسلام آباد هذا الأمر بسرعة، حيث من المتوقع بداية الحوار في 25 من الشهر الجاري. الهند الآن لديها قلق من الصين، وباكستان، تخشى استفحال خطر "طالبان" التي تستهدف جيشها. تضارب مصالح عراقية خصصت "لوس أنجلوس تايمز" افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي، لرصد التوتر السياسي الراهن في العراق. فتحت عنوان "اجتثاث البعث في العراق"، استنتجت الصحيفة أن التكتيكات التي ينتهجها الشيعة في حملاتهم تهدد الانتخابات المقبلة في بلاد الرافدين، وقد تخرجها عن مسارها الطبيعي. هذه الانتخابات البرلمانية، يجب أن تركز على الوظائف والخدمات العامة وكفاءة الأجهزة الحكومية، ويتعين على المرشحين، أن يركزوا على أمن العراق ويدفعوا باتجاه مصالحة بين السُنة والشيعة والأكراد. لكن بدلاً من ذلك، تحولت الانتخابات الوطنية إلى شجار طائفي، تناور من خلاله الأحزاب الشيعية على الهيمنة، وعلى تأجيج المخاوف من عودة حزب "البعث" مرة أخرى. ويبدو أنه لم يعد مهماً أن صدام قد أعدم عام 2006، أو أن الانتماء لحزب "البعث" بات جرماً يُعرض صاحبه للعقاب، فلجنة "العدل والمحاسبة" برئاسة السياسي الشيعي أحمد الجلبي، أبعدت بعض المرشحين عن الانتخابات المقبلة، بحجة أنهم ينتمون لحزب "البعث"، والعملية أججت شكوك "الأقلية السُنية"، التي فسرت ما قام به الجلبي بأنه يعكس دوافع حقيقية لتقليص نفوذ السُنة في البلاد. لا شك أن بعض "البعثيين" السابقين تورطوا في جرائم ارتكبها النظام العراقي السابق، وهؤلاء يجب منعهم من الترشح، لكن ثمة آخرين غيرهم قد انضموا لـ"البعث" فقط من أجل تأمين الحصول على وظيفة أو الالتحاق بالتعليم، وهؤلاء لم يتورطوا في سياسات الحكومة القمعية السابقة. لجنة الجلبي أقصت 535 مرشحاً، لكن بعض من تم إقصاؤهم، لم يتم استبدالهم بآخرين من الكتل المنتمين إليها، علماً أن عددا قليلا ممن أقصوا قد سمح لهم بالترشح. الآن يوجد 175 مرشحاً قد تم إقصاؤهم من بينهم السياسي السُني البارز صالح المطلك، الذي ترك "البعث" في سبعينيات القرن الماضي، وهو الآن عضو في البرلمان. الصحيفة تقول: لنتذكر أحمد الجلبي، فهو كان مصدراً للمعلومات الاستخبارية السيئة عن أسلحة الدمار الشامل العراقية، التي بررت الغزو الأميركي للعراق عام 2003. الجلبي- والكلام للصحيفة- كان داعماً للولايات المتحدة في الوقت الذي كانت واشنطن تحقق له طموحاته، لكنه حول دعمه صوب إيران، الآن يراجع طلبات الترشح للانتخابات في حين أنه أحد المترشحين في الانتخابات البرلمانية. هذا المشهد وصفته الصحيفة بـ"تضارب مصالح" لا بد من عدم التسامح بشأنه، فمن سيحاسب الجلبي؟ بالطبع ليس نوري المالكي الذي يدخل حزبه في منافسة مع الجلبي في كسب أصوات الشيعة، وبدلاً من العلو على الطائفية التي سادت لديه في الماضي، يقود المالكي الشارع العراقي نحو "العداء للبعث"، لكن في حقيقة الأمر كثيرا من المرشحين المستبعدين من الانتخابات ينحدرون من مجتمعات علمانية تشكل في حد ذاتها تحدياً للتحالفات السياسية الشيعية التي ينضوي في إطارها الجلبي والمالكي. الصحيفة نوهت إلى أن تصريحات للسفير العراقي في الأمم المتحدة مفادها أن لجنة أخرى ستراجع قائمة الممنوعين من الترشح، وهذا ما تأمل الصحيفة في إنجازه بسرعة حمايةً لما تبقى من شرعية تسمح بإجراء الانتخابات البرلمانية العراقية في 8 مارس المقبل، ويتعين على مراقبين دوليين أو من الولايات المتحدة التأكد من أن كل فرد بمقدوره الاقتراع وأن كل صوت انتخابي سيتم عده دون أي تزوير. إعداد: طه حسيب