بالتعاون بين الأمم المتحدة والجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط اجتمعت في مالطا خلال اليومين الماضيين مجموعات من السياسيين والبرلمانيين من كافة أنحاء العالم لتدارس وضع القضية الفلسطينية ومحاولة دفعها إلى الأمام. ركزت الاجتماعات على قضايا الحل النهائي، وهي حدود الدولة الفلسطينية والقدس والمستوطنات واللاجئين والمياه. غير أن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ماذا يستطيع البرلمانيون سواء كانوا من دول الشراكة الأوروبية المتوسطية، أو سائر أنحاء العالم أن يقدموه لإخراج القضية من المأزق الذي تمر به الآن؟. إن الظروف المحيطة بالقضية على الصعيد الدولي تشير إلى أن قوة الاندفاع التي أطلقها الرئيس الأميركي أوباما بخطابه في جامعة القاهرة في يونيو من العام الماضي قد تراخت وتكاسلت. كان أوباما قد أعلن عن عزمه إنجاز حل الدولتين، وجَزَمَ بأن الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي، وأنه لابد وأن يتوقف لفتح طريق المفاوضات. اليوم يعلن أوباما عن عجزه عن تحقيق أحلامه، ويقول إن هناك صعوبات كبيرة تعترض توقعاته. على المستوى الأوروبي نجد الاتحاد الأوروبي أخيراً يصدر بياناً تحت الرئاسة السويدية يعلن فيه اعترافه بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية على كامل مساحة الضفة وغزة أي حدود الرابع من يونيو 1967 ويعترف بالقدس عاصمة للدولتين، ومع ذلك فإن هذا البيان قد وُضع على الرف في هدوء دون أن تترتب عليه قوة دفع جديدة. أما على المستوى العربي، فإن خيار السلام الاستراتيجي ما زال مطروحاً وما زالت مبادرة السلام العربية مطروحة على العالم دون أن يترتب على ذلك تحرك فعّال. إن العقبة الحقيقية التي تجمد الموقف الأميركي وتشل التحرك الأوروبي والمبادرة العربية إنما تتمثل في إجماع الحكومات الإسرائيلية منذ اغتيال رابين عام 1995 على المناورة والمراوغة حول إيجاد حل، فجميع حكومات "اليمين" و"اليسار" منذ ذلك التاريخ تفاوض من أجل التفاوض دون التخلي عن مخططات التوسع وإقامة الجدار العازل ومحاصرة الشعب الفلسطيني. لقد حاولت الدول العربية إيجاد مخرج من هذه الحالة بطرح مشروع لإصدار قرار من مجلس الأمن يعترف بالدولة الفلسطينية، وحاول وزير الخارجية المصري طرح فكرة نهاية الطريق، أي رسم شكل الحل النهائي قبل بدء المفاوضات بحيث تكون الكلمة للمجتمع الدولي، وليس للتعنت الإسرائيلي. كل هذه المحاولات ما زالت تصطدم بالموقف الإسرائيلي، الذي يزداد تصلباً مع حكومة "اليمين"، وهو ما يوحي بأن أفضل عرض للسلام سيوافق عليه الإسرائيليون لن يخرج عن الحكم الذاتي للضفة تحت قيادة "فتح "والحكم الذاتي لغزة تحت سيطرة "حماس" على أن يكون الحكمان خاضعين للسيادة الإسرائيلية. هل يستطيع البرلمانيون القادمون من إسرائيل إلى مؤتمر مالطا أن يغيروا اتجاه حكومتهم. وفي المقابل هل يستطيع البرلمانيون العرب أن يقنعوا الإسرائيليين بالطرح العربي؟ ومن ناحية ثالثة بماذا يستطيع البرلمانيون الأوروبيون وسياسيو الأمم المتحدة أن يغيروا الموقف؟ هذه أسئلة ننتظر الإجابة عنها في البيان النهائي للبرلمانيين في اجتماع مالطا حتى لا نظلمهم ولا نبني توقعات مبالغاً فيها.