عُقد في البحرين خلال يومي 11 و12 من فبراير الحالي اللقاء السنوي الحادي والثلاثون لمنتدى التنمية الخليجي، حيث خصصت بحوث هذا العام لمناقشة "المجالس التشريعية في دول مجلس التعاون الخليجي". وقد نوقشت في اللقاء خمس دراسات خاصة بالمجالس التشريعية. فقد قدم الدكتور غانم النجار بحثه حول تطور الديمقراطية في الكويت، والورقة الثانية قدمها الدكتور عبدالرحيم شاهين حول تجربة المجلس الوطني الاتحادي... محفزة أم معيقة للتنمية؟ أما الورقة الثالثة فأعدها الدكتور عبدالعزيز ابل عن السلطة التشريعية في البحرين، والورقة الرابعة أعدتها الدكتورة مريم الحسن حول المرأة والمشاركة السياسية في الكويت، والورقة الخامسة أعدها الدكتور عبدالرحيم الدخيل وهي استعراض شامل مقارن بين دول الخليج. لا يتسع المجال هنا لاستعراض محتوى الأوراق المعدة، لكن يمكن القول إن الموضوع بحد ذاته خلق حواراً ساخناً بين حضور المنتدى من نواب ووزراء سابقين وأكاديميين ورجال أعمال وطلاب من كل دول الخليج... حيث أثير نقاش مطول حول المطلوب لإنجاح التجارب التشريعية في الخليج. البعض ركز على أهمية الديمقراطية في الخليج ودور الشفافية والمصداقية، فنحن كشعوب خليجية نتوق إلى معرفة أين تُصرف الأموال العامة، وما أوجه الصرف. وقد أشاد البعض بمجهود مجلس الأمة الكويتي في مراقبته للقضايا المالية، وبالتجربة الكويتية عامة والإنجاز الذي حققته في ظل ديمقراطيتها. كما ركز البعض على صعود رئيس الوزراء الكويتي منصة الاستجواب في مجلس الأمة ومعه اثنان من الوزراء من الأسرة الحاكمة، حيث اعتبر البعض هذه الخطوة توجها صحيحا نحو ترسيخ الديمقراطية. لكن بعض الحضور انتقدوا انعدام دور الشعوب في المطالبة بالديمقراطية والمشاركة السياسية، وأكدوا أن القيم الثقافية في الخليج لا تدعم ازدهار الديمقراطية، بل إن البعض لام دول الخليج في غياب اتجاهات جادة للإصلاح السياسي. ورغم الإشادة بالديمقراطية الكويتية، فإن البعض أثار تساؤلات حول هذه التجربة؛ منها مثلاً: لماذا لم يواكب هذه الديمقراطية حراك نشط من المجتمع المدني؟ وتساءل آخرون عن سبب تأخر الديمقراطية في بلدان خليجية أخرى رغم سنوح فرص كبيرة لتطوير نظمها الحالية. واعتبر البعض أن تطور الديمقراطية في أي مجتمع خليجي يعتمد اعتماداً كليا على طبيعة النظام السياسي وطبيعة المجتمع في كل دولة، فإذا توافرت الإرادة المجتمعية لدى الحكام تتعزز الديمقراطية. وقد وجه مشاركون لومهم لبعض أعضاء المجالس التشريعية الخليجية، وتساءلوا: كيف يمكن لغير المتخصصين أن يمارسوا وظيفة التشريع وأن يناقشوا ميزانيات الدول؟ وانتقد الحضور تصدي بعض النواب في المجالس التشريعية الخليجية لقضايا الأخلاق والقيم من منطلق ديني، وتساءلوا: هل من مهام المجالس التشريعية نشر الفضيلة أم تشريع القوانين ومراقبة أداء السلطة التنفيذية؟ النائبة الكويتية الدكتورة رولا دشتي انتقدت أداء نواب مجلس الأمة الكويتي، خصوصاً ثقافة التأخر والتغيب وعدم وجود آلية للمعاقبة. وذكرت أن النواب يتسابقون على دخول اللجان البرلمانية، لكنهم عندما يدخلونها يكون حضورهم متدنياً جداً. وكانت مساهمتي الشخصية مقتصرة على إبداء بعض الملاحظات على تجاربنا التشريعية؛ منها عدم التركيز على أهمية القانون في تعزيز التجربة التشريعية. لقد أهمل المحاضرون في أوراقهم المقدمة أهمية الاقتصاد لإزهار الديمقراطية... فهنالك علاقة إيجابية بين التطور الاقتصادي والديمقراطية، فرأس المال الإنتاجي وليس رأس المال الريعي، هو الذي يوفر لأي دولة قدراً كبيراً من الاستقلالية في مواجهة الدول الكبرى. كما أن الأحزاب والقوى السياسية في الخليج لم تدعم الديمقراطية، بل حاولت إجهاضها بمقترحات دينية بعيدة عن الدولة الدستورية القانونية.