لا تنفصل الدبلوماسية عن قضايا التنمية، بل أصبحت إحدى الأدوات الداعمة لها، فالسياسة الخارجية التي تتبنّاها الدولة والقائمة على أساس الاحترام المتبادل والانفتاح على جميع دول العالم وتعرّف النماذج والتجارب الاقتصادية المختلفة لاشكّ تشكّل داعماً قوياً لعملية التنمية في الداخل، وفي هذا السياق يمكن قراءة الزيارات الأخيرة التي قام بها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، لكل من أستراليا ونيوزيلندا، وكذلك الزيارة التي قامت بها معالي الشيخة لبنى القاسمي، وزيرة التجارة الخارجية، للهند، فالجانب الاقتصادي كان القاسم المشترك في هذه الزيارات مجتمعة، وهو استكشاف فرص الاستثمارات الخارجية لرجال الأعمال والقطاع الخاص في الدولة من ناحية، والترويج للفرص الاستثمارية المتاحة داخل الدولة، التي يمكن لرجال المال والأعمال والقطاع الخاص في هذه الدول الاستثمار فيها من ناحية ثانية. هذه الدول تشكّل أهميّة اقتصادية كبيرة، ويمكن لاقتصادنا الوطني تفعيل الشراكة معها، فالإمارات هي أكبر شريك تجاري لأستراليا في منطقة الشرق الأوسط، كما أن هناك أكثر من 600 شركة أسترالية تمارس نشاطها داخل الدولة، وهذا كان له أثره الإيجابي في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وتوسيعها بينهما، ونيوزيلندا هي الأخرى تمثّل قيمة اقتصادية كبيرة، باعتبارها أحد مصادر الاستثمار الخارجي، التي يمكن أن تنجذب إلى القطاعات الاقتصادية في الإمارات، وتمثّل زيارة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، خطوة مهمّة باتجاه تحقيق هذا الهدف، وبدا هذا واضحاً في ترحيب وزير التجارة النيوزيلندي، الذي أكّد حرص بلاده والشركات النيوزيلندية خاصة على تعزيز استثماراتها في دولة الإمارات. والهند هي الأخرى تشكّل أهميّة اقتصادية كبيرة، فهي تعدّ سوقاً استهلاكية كبيرة يمكن أن تستوعب المنتجات الوطنية التي تضاهي في جودتها العديد من السلع الأجنبية المماثلة. النتائج الإيجابية التي تمخّضت عن هذه الزيارات تعكس بوضوح الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة، وقيادتنا الرشيدة بتوطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الاقتصادات الصاعدة، وسعيها المستمر إلى الوصول إلى أسواقها، خاصة بعد أن أصبحت هذه الدول أكثر قدرة على النمو مقارنة بغيرها من دول العالم، في ظل تمتّعها بجميع المميزات التي تجعلها وجهة مفضّلة للتجارة العالمية، فهي تنمو بمعدّلات تفوق معدلات النمو في كل من الاقتصادات المتقدّمة والنامية، كما أنها تمثّل سوقاً ضخمة يمكن أن تستوعب المنتجات الإماراتية، والأهم أنها تمتلك ميزات اقتصادية في بعض القطاعات الحيوية، التي يمكن لاقتصادنا الوطني الاستفادة منها. بفضل نشاط الدبلوماسية الإماراتية، استطاعت الدولة أن تحتل موقعاً دولياً متقدّماً في خريطة الاستثمار العالمي عبر امتلاك حصص في شركات عالمية وقطاعات اقتصادية مهمّة، كما كان لهذا النشاط دوره الحيوي في استقطاب عدد كبير من مؤسسات الاستثمار العالمية لإقامة مشروعات ضخمة في أنحاء البلاد، مستفيدة من السمعة العالمية المشرّفة، والتاريخ الاستثماري الإيجابي، والمكانة الاقتصادية البارزة للإمارات، باعتبارها من أكثر الدول الجاذبة للاستثمار في العالم. الدور التنموي المهم الذي تقوم به الدبلوماسية الإماراتية في دعم الاقتصاد الوطني هو ترجمة واضحة لسياسة الدولة الخارجية في الانفتاح على العالم الخارجي، ونجاحها في إقامة علاقات تعاون وصداقة وتفاهم مع دول العالم المختلفة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية