التصريحات التي أدلى بها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال تفقد سموه "مهرجان مزاينة الظفرة للإبل 2010" في المنطقة الغربية مؤخراً تؤكد اهتمام الدولة وقيادتنا الرشيدة بالتراث باعتباره أحد الروافد المهمّة للحفاظ على هويتنا الوطنية والثقافية، فقد أكّد سموه "أن دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، تعمل على ترسيخ المهرجانات التراثية والثقافية كرسالة للأجيال الحاضرة والمقبلة مفادها صون التراث العريق والمحافظة على عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة". هذه التصريحات تنطوي على معانٍ عدة عميقة، أولها أنها تؤكد العلاقة الوثيقة بين التمسك بتراث وقيم الأجداد والحفاظ على هويتنا الوطنية والثقافية، وأن الإمارات لا يمكن أن تنفصل عن تراثها الثقافي، لأن هذا التراث يحتوي على مخزون هائل من القيم الإيجابية والنبيلة التي أرساها الأجداد، والتي تشكّل أساساً مهماً في الحفاظ على الهوية الوطنية، والتي تعبّر بشكل شامل عن القيم والعادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة، فالحفاظ على تراثنا الوطني، وبما يتضمنه من قيم وعادات وموروثات، بات حائط الصد أمام التحديات التي تواجه الهوية الوطنية والثقافية، خاصة في ظل وجود العديد من الجنسيات مختلفة الثقافات والمشارب. المعنى الثاني هو ضرورة تعليم الأجيال الجديدة، خاصة الشباب، هذه القيم التراثية النبيلة؛ فهذه الأجيال أصبحت الآن بحاجة ملحّة إلى التعرّف على هذه القيم، واستحضارها، والاقتداء بها كمنهاج عمل لحياتهم، لأن هذه القيم كما كانت وراء الإنجازات التي تحققت على أرض الدولة في مرحلة البناء الأولى، فإنها هي الأساس أيضاً للحاضر والانطلاق إلى المستقبل بآفاق أرحب وأوسع، وهذا لا شك يعكس إيمان قيادتنا الرشيدة بأهمية التواصل وتناقل الخبرات بين الأجيال، بشكل مستمر لا انقطاع فيه، مع الاعتراف بتكامل هذه الخبرات لتحقيق هدف رئيسي هو الارتقاء بالبناء والنهضة وتحقيق الطموحات التنموية التي نسعى إليها جميعاً. المعنى الثالث هو تأكيد التواصل بين القيم التراثية للأجداد والآباء مع القيم العصرية التي تنفتح على الحضارات والثقافات المختلفة، وبشكل لا يخل بخصوصية الإمارات الثقافية والحضارية والمجتمعية، والاستفادة من هذه القيم التي تشترك مع قيمنا الأصيلة في دفع مسيرة التنمية والتطور والبناء، وهذا يعكس سمة أصيلة من سمات السياسة الخارجية للدولة، وهي إيمانها بالانفتاح على الثقافات المختلفة، لأن هذا من شأنه أن يعمّق أواصر الصداقة والتقارب بين الدول، ويكرّس الصور الإيجابية المتبادلة فيما بينها، وهذا يدعم أجواء السلام والتفاهم والحوار على المستوى العالمي. المعنى الرابع هو تأكيد أهمية المسابقات التراثية، كمهرجان الإبل الحالي في تعزيز علاقات الصداقة بين الشعوب، فحين يصف سمو ولي عهد أبوظبي "مهرجان مزاينة الإبل" بأنه "فرصة يلتقي فيها أبناء دول مجلس التعاون"، فإنه يؤكد حقيقة مهمة وهي أن التراث المشترك بين مجموعة من الدول يمكن أن يكون مدخلاً لتعزيز ودفع العلاقات مع هذه الدول، التي تشترك في قيم تراثية عديدة تظهر في اهتمامها بمسابقات رياضية ذات طابع تراثي كسباقات الهجن ورياضة الصقور، والصيد والفروسية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.