فلسفتا التحديث والتطوير اللتان تتبنّاهما وزارة الداخلية منهج عمل، سواء كان ذلك في تدريب العنصر البشري وإطلاعه على أحدث النظريات الأمنية، أو في توفير الجانب التقني المستخدم من قِبل الأجهزة والإدارات المختلفة، أثبتتا جدواهما بوضوح، وينعكس هذا بشكل لافت للنظر في الإنجازات النوعية التي تحققت خلال الفترة الماضية سواء في تسهيل الخدمات المقدمة لأفراد المجتمع، أو في حماية الأمن والاستقرار في الداخل في مواجهة التحديات والجرائم الأمنية الجديدة. فحسبما نشرت الصحف المحلية مؤخراً، فقد تمكّنت وزارة الداخلية من منع دخول 340 ألف شخص مُبعد حاولوا الدخول إلى الدولة عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية، وذلك نتيجة لتطبيق نظام "بصمة العين" منذ عام 2002، حتى نهاية العام الماضي، وهذا يشير بوضوح إلى نجاح هذا النظام في ضبط محاولات الدخول عبر منافذ الدولة المختلفة. وهذا يتكامل مع نظام متطور آخر بدأت الوزارة في تطبيقه عام 2008 للتعرّف على الوجه باستخدام تكنولوجيا متقدمة ومعتمدة، وذلك في إطار خطة لوضع نظام شامل للحماية الأمنية في البلاد. وقد قام الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بتدشين البرنامج في الرابع عشر من يوليو عام 2008 في "مطار أبوظبي الدولي". ولا شك أن اللجوء إلى هذه التقنيات المتقدمة من جانب وزارة الداخلية يساعدها على أداء مهامها بالشكل الأمثل، خاصة أن الإمارات تعتبر من أكثر الدول الجاذبة للعمالة الوافدة، وهي أمور تفرض أعباءً كبيرة على الأجهزة الأمنية في الدولة، لضبط عملية الدخول إلى الدولة، والتأكد من هوية القادمين، حتى لا يتحوّل بعضهم إلى مصدر لتهديد الأمن والاستقرار في الداخل. ولهذا فإن وجود وسائل تكنولوجية حديثة للتعرف على هوية القادمين سواء بغرض العمل أو الزيارة يمثل ضرورة أمنية، فخلال السنوات الماضية تمّ ترحيل آلاف من الوافدين لمخالفتهم القوانين واللوائح المعمول بها في الدولة، أو لارتكابهم جرائم تهدّد الأمن الاجتماعي، ويسعى هؤلاء إلى دخول الدولة مرة أخرى من خلال تغيير أسمائهم وتزوير جوازات سفرهم، ومن ثم فإن نجاح الأجهزة الأمنية في كشف هؤلاء ومنعهم من دخول الدولة ثانية يعد إنجازاً أمنياً مهماً. كما أن الاعتماد على أحدث التقنيات التكنولوجية يتواكب أيضاً مع التطور الهائل الذي شهدته التحديات والجرائم الأمنية في الآونة الأخيرة، اللتان أصبحتا تتسمان بالتعقيد والتشابك، وخير دليل على ذلك نوعية الجرائم التي انتشرت مؤخراً، كمحاولة الاحتيال الفاشلة التي استهدفت "مصرف الإمارات المركزي" في شهر يوليو الماضي، والجرائم الإلكترونية التي أصبحت تستهدف النصب على الأفراد عبر "الإنترنت"، وكان التصدي لهذه النوعية من الجرائم ثمرة لتفاعل الكوادر البشرية الماهرة والمدربة القائمة على العمل في الجهات الأمنية، مع وسائل التكنولوجيا الحديثة. ورغم الإنجازات العديدة التي تحققت على هذا الصعيد، فإن وزارة الداخلية تواصل تطبيق سياستها في التحديث والتطوير المستمرين، من أجل الارتقاء بالمنظومة الأمنية على الصعيدين البشري والتقني، وذلك لتحقيق هدفين رئيسيين هما الحفاظ على الأمن والاستقرار السائد في ربوع الدولة، باعتبارهما ركيزة التنمية الشاملة وسمة مميزة لإمارات الخير والعطاء. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية