المآسي في ذاكرة العالم كثيرة، لكن اللاحق منها يطمر السابق ويخفيه، فهناك أزمات إنسانية هزت ضمير العالم بهذا القدر أو ذاك، لكنها سرعان ما غابت عن التداول الإعلامي والسياسي ونسيتها الغالبية في أنحاء المعمورة... ومنها قضية اللاجئين الأفغان في باكستان. في مدينة روالبندي حيث يتواجد أكبر عدد من اللاجئين الأفغان على الأراضي الباكستانية، يعكس هذا الوجه الطفولي البريء جانباً من المعاناة التي يكابدها أولئك اللاجئون. فإلى شارع ضيق، وذات يوم شتوي ماطر، خرجت فتاة صغيرة من بيت ذويها، بحثاً عن اللاشيء، أو هرباً من سياط حاجات يومية لا يتوفر ما يسدها أو يسد رمق أصحاب البيت... هامت على وجهها إلى أن أثارت الكاميرا فضولها البريء. في شتاء روالبندي لا أحد يخرج من "دفء البيت" دون ضرورة للخروج، إلا هذه البنت! وحتى الرجلين اللذين ظهرا كشبحين في خلفية الصورة، يشعران ببرد قارس رغم ملابسهما الشتوية. فيا لها من براءة كضوء الضحى يلسعها برد قارس! بيد أن حالتي الضياع وفقدان الوجهة، ربما أصبحتا سمتين لحياة اللاجئين الأفغان في روالبندي. فإلى متى يظلون -هكذا- لاجئين؟ وفي انتظار ماذا؟ ومتى يشرق "وجه" العودة إلى الوطن؟ وهل تتبدد أشباح اللجوء في الوطن بعدما طاردتهم سنوات طويلة؟