يمتلك "مارك زيسين" مؤلف كتاب "استدعاء الكارثة: كيف تمكنت سي. آي. إيه من إبقاء أميركا آمنة... وكيف يستدعي أوباما الهجوم القادم"، العديد من المؤهلات والخبرات التي تجعل منه الرجل الأنسب للكتابة عن الاستخبارات، منها أنه خبير متخصص في الأمن القومي، عمل على مدى 15 عاما في الكونجرس والبنتاجون والبيت الأبيض، كما شغل منصب كبير كتبة الخطابات للرئيس بوش الابن. ويتحدث المؤلف في البداية عن طبيعة عمله فيقول إنها كانت تستلزم أن يظل جالسا معظم الوقت في غرفة مؤمنة ومزودة بكافة الوسائل التقنية للاطلاع على أهم المعلومات الاستخبارية وأكثرها حساسية ليستفيد منها عند صياغته لخطب الرئيس، ومنها خطابه في عام 2006 حول برنامج الاستجواب الذي تتبعه الوكالة، ودعا فيه الكونجرس إلى إقرار ذلك البرنامج لما له من أهمية في إطار الحرب على الإرهاب. ويؤكد المؤلف بداية أنه لا مجال للتهاون في الحرب ضد الإرهاب، لكن المشكلة هي أن الأجهزة الاستخبارية الأميركية، لا تستطيع معرفة كل شيء عن شبكات الإرهاب، ولا عن خلاياه النائمة، كما لا تستطيع توقع مكان ضربته التالية. ويرى أن أوباما قد يخطئ خطأً جسيما عندما يقدم على سياسات قد تؤدي لحرمان الأمة الأميركية من أهم أسلحتها في التصدي للإرهاب، وهي القدرة على اعتقال المشتبه بهم بعلاقتهم بالإرهاب، وحجزهم في معتقلات محصنة. ولا يكتفي المؤلف بذلك بل يقول إن أوباما قد أخطأ خطأً جسيماً آخر عندما حرم الأجهزة الأميركية من استخدام الوسائل المتطورة والفعالة في استجواب المتهمين، والحصول منهم على المعلومات المفيدة للحد من الخطر الإرهابي. وللتدليل على صحة رأيه يقول إن العمل الاستخباري يشبه عمل شخص يجمع أجزاء متفرقة لصورة معينة، لكن لا يسمح له في النهاية بالإطلاع على الصورة الكاملة. فأجهزة الاستخبارات تقوم مثلا باعتراض المحادثات الهاتفية، والرسائل الإلكترونية، وزرع العملاء داخل الشبكات الإرهابية... لكنها لا تعرف مع ذلك الصورة العامة. والحقيقة أن من يعرف تفاصيل تلك الصورة هم الإرهابيون الذين يتم القبض عليهم؛ مثل "خالد شيخ محمد" فيما يتعلق بهجوم الحادي عشر من سبتمبر، والذي تبين من خلال التحقيق معه أنه كان على علم بكافة تفاصيل الخطط الخاصة بمهاجمة الولايات المتحدة. وبالإضافة إلى الدور الذي ساهم به نظام استجواب المعتقلين، والذي حمى الولايات المتحدة من هجمات على غرار الـ11 من سبتمبر، كما ساعد على الكشف عن العديد من المؤامرات الإرهابية. وقبل تعليق برنامج استجواب المعتقلين مؤقتا في عام 2006 ، قدرت أجهزة الاستخبارات، حسب المؤلف، أن ما يزيد عن نصف المعلومات التي تم تجميعها عن تنظيم "القاعدة"؛ كيف يعمل، وكيف ينقل الأموال، وكيف يتواصل قادته، وكيف يجند العملاء، وكيف يختار الأهداف، كيف يخطط للهجمات ويقوم بتنفيذها... قد جاء من خلال استجواب المشتبه بهم داخل سجون الولايات المتحدة. والشيء اللافت للنظر أن تقييم إدارة أوباما الرسمي والذي جاء على لسان كبير مستشاري الرئيس لمقاومة الإرهاب، "جون برينان"، هو أنه "لولا برنامج الاستجواب الذي تطبقه وكالة سي آي إيه لنجحت القاعدة وحلفاؤها في شن هجوم آخر مدمر على الأراضي الأميركية". غير أن ذلك لم يحل بين أوباما وبين إيقاف هذا البرنامج بل والكشف بعد عدة شهور من ولايته عن معلومات حساسة حول الوسائل المستخدمة في استجواب الإرهابيين المهمين، مما ألحق ضررا بأمن الولايات خلال مئة يوم الأولى يفوق الضرر الذي ألحقه أي رئيس في التاريخ الأميركي! ويختتم المؤلف كتابه بالقول إن أوباما بذلك حرم الولايات المتحدة من فرصة استخدام التقنيات المتطورة في استجواب الإرهابيين المهمين، وهو ما يؤدي حتما إلى حرمان خبراء الدفاع والاستخبارات من الحصول على المعلومات المهمة اللازمة لمنع أي هجوم إرهابي جديد قبل أن يتم تنفيذه، ويعني أيضا أن أميركا اليوم وبعد مرور عام على تولي أوباما الحكم، قد أصبحت أقل أمانا عما كانت عليه قبل ذلك. سعيد كامل الكتاب: استدعاء الكارثة: كيف تمكنت سي آي إيه من إبقاء أميركا آمنة وكيف يستدعي أوباما الهجوم القادم المؤلف: مارك إيه زايسين الناشر: ريجنيري برس تاريخ النشر: 2010