هناك 65 جهة عمل حكومية وخاصة تعرض فرص عمل شاغرة في معرض "توظيف 2010" الذي يعقد في أبوظبي حاليا. وفي أبوظبي هناك ما بين 8 آلاف و10 آلاف باحث عن عمل مسجلين لدى مجلس أبوظبي للتوطين. وهناك آلاف مسجلون لدى الهيئات والمجالس الأخرى. وواحدة من المشكلات التي تواجه عملية التوظيف هي أن أكثر من 80 في المئة من الباحثين عن عمل من الفتيات وأغلبهن من الإمارات الشمالية ما يعني صعوبة انتقالهن للعمل في إمارات أخرى. وهنا نتساءل: أليست هناك بعض الحلول "الذكية" وخصوصا أننا نعيش في عصر التكنولوجيا بحيث يمكن توفير وظائف عن بعد، بحيث يكون للمؤسسات والشركات مكاتب في الإمارات البعيدة عن العاصمة وعن دبي يمكن من خلالها أن يعمل أولئك دون الاضطرار للانتقال إلى إمارة أخرى أو الجلوس بدون عمل؟ أعتقد أننا بحاجة إلى البحث عن حلول أكثر مرونة، كما أعتقد أيضا أنه ينبغي إيجاد حلول من جانب القطاعين الحكومي والخاص. أما بعض الحلول التقليدية فتكمن فيما نتكلم عنه منذ سنوات فنحن بحاجة إلى رؤية مشتركة بين القطاعين العام والخاص في مجال توطين الوظائف ومكافحة البطالة وفي أصلاح التعليم والتدريب بما يحقق مصالح جميع كل الأطراف. ولا مفر من إعادة النظر في مناهج التعليم كي تتناسب مع سوق العمل واحتياجات التنمية. كما أنه من المهم أن يتم العمل على توجيه الشباب نحو العمل الحر من خلال فتح مجالات وآفاق العمل الحر وتوفير الدعم والتمويل، وإصلاح مؤسسات "دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة" التي لم تؤد دورها كاملا حتى الآن. كما أن جزءاً من حل مشكلة البطالة الخليجية وتعديل وضع سوق العمل هو إفساح المجال بشكل أكبر للمواطنين الخليجيين بالعمل في دول المجلس كافة ومعاملتهم معاملة المواطن المحلي. وهذا ما يجعلنا نؤكد أنه من المهم عندما يتم التفكير في مسألة البطالة أن يتم حلها عن طريق المنظومة الخليجية فالمشكلة متكررة في جميع دول الخليج والحل تقريبا متشابه لدى الدول الست. وما يؤكد ضرورة هذا التوجه ما أشار إليه مدير كلية التقنية في سلطنة عمان من أن الزيادة السنوية المتوقعة من مخرجات التعليم في دول الخليج تقدر بنحو 750 ألفا من الخريجين الذين يتوجهون لسوق العمل التي تشغل ما يقدر بـ15 مليون وافد، معظمهم في القطاع الخاص. مؤتمر مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية السنوي الخامس عشر، والذي انعقد خلال الفترة (1-3) فبراير 2010 تحت عنوان "مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل في مجلس التعاون الخليجي"، ذكرني بمؤتمره السنوي الرابع والمنعقد عام 1998 بعنوان " تحديات القرن الحادي والعشرين: التعليم وتنمية الموارد البشرية". وليس غريباً أن يخصص المركز مؤتمره السنوي الحالي لهذا الموضوع، فالمشكلة ما تزال مستمرة بل وتفاقمت أكثر مما كانت عليه فمعدلات البطالة في ارتفاع ومشكلات التعليم كذلك! إن موضوع مخرجات التعليم وسوق العمل يحتاج إلى طرح جاد وصريح وتناول علمي ومنهجي وهذا ما قام به مؤتمر مركز الإمارات للدراسات. ويبقى أنه على الجهات المختصة متابعة هذه القضية، فهذا المؤتمر رسم الخطوط العريضة للمشكلة، وتبقى الحلول بأيدي أهل الاختصاص في مجالس التوطين وهيئة الموارد البشرية ووزارة التعليم ومجالس التعليم. وزير التربية والتعليم في كلمته أمام المؤتمر قال إن هناك 20 ألف خريج يدخلون سوق العمل سنويا، كما أن هناك أربعة ملايين فرصة عمل متوفرة في الإمارات... وغريب أن لا نستطيع إدخال 20 ألف خريج في الأربعة ملايين! فهذا يدل على أن هناك خللا في الآليات وفي تنفيذ عملية الإحلال وما يدل على ذلك نتائج هيئة "تنمية" التي استطاعت فقط أن توظف 14 ألف باحث عن عمل خلال ثماني سنوات! والغريب في كلمة وزير التربية والتعليم أنه اعتبر أن "التوفيق بين التعليم وسوق العمل معادلة صعبة"! فإذا كان وزير التربية والتعليم يرى صعوبة في التوفيق بين مخرجات التعليم ومدخلات سوق العمل فماذا يقول الآخرون؟ وما فائدة كل ما نقوم به من دراسات وما نشكله من لجان ومجالس للتوطين وللتوظيف وللتنسيق؟! ولا تبدو المعادلة صعبة لأحد المشاركين في هذا المؤتمر حين وضح أن سوق العمل يحتاج إلى ثلاث فئات من الوظائف؛ أولا المتخصصون من خريجي الجامعات وذلك بنسبة 7 في المئة، وفنيون يمتلكون مهارات عالية وبنسبة 63 في المئة. وأخيرا ذوو الكفاءات المحدودة ويمثلون 20 في المئة. ولاشك أن هناك عدم وضوح في الرؤية وخللا في التنفيذ لأننا لا نركز على الفئة الأكبر التي تحتاج إليها سوق العمل وبالتالي نكتشف أن لدينا بطالة في الفئة الأولى التي لن تقبل -بطبيعة الحال- أن تعمل ضمن الفئة الثانية وتفضل الانتظار على رصيف البطالة إلى أن تحصل على الفرصة المناسبة. وهنا لابد أن نشير إلى ما قاله أحد الخبراء الأجانب وهو نوع مما نسمعه غالباً من هؤلاء الخبراء.. فقد اعتبر أنه لم يعد كافياً لنظم التعليم الوطنية بدول الخليج أن تقتصر فقط على إعداد جيل الشباب لدخول سوق العمل المحلية، قائلا "إن التحدي الذي يواجهه التعليم بدول الخليج في القرن الحادي والعشرين يكمن في إعداد جيل الشباب للمشاركة في سوق العمل العالمية". والحقيقة أننا غير قادرين على إيجاد وظائف للخريجين في السوق المحلية ويواجه فيها الباحث عن العمل تحديات ومنافسة كبيرة، فكيف سيكون الحال في الخارج... إننا نحتاج إلى منطق في الحديث وفي التنظير.