لائحة السلوك الطلابي الجديدة، التي أعدّتها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع جهات متخصّصة، وتناولت الصحف المحليّة الخطوط العريضة لها مؤخراً، تنطوي على معانٍ تربوية وحضارية عميقة، ليس لأنها تتعامل مع بعض السلوكيات الدّخيلة من جانب بعض الطلاب في مدارسنا، التي بدأت في الانتشار في الآونة الأخيرة، وكانت تؤثّر سلباً في العملية التعليمية، وإنما أيضاً لأنها تحافظ على الصورة الحضاريّة لمدارس الدولة، وتعكس معها المستوى المتقدّم للعملية التعليمية. وعلى الرّغم من أن اللائحة الجديدة تركّز على الطلاب، وهم لا شكّ أحد أهم أطراف العملية التعليمية، فإنها تستهدف في الأساس الأطراف الأخرى، من مدرّسين، ومديرين، وأولياء أمور، في محاولة للربط بين هذه الأطراف، وتفعيل جهودهم من أجل التصدّي للممارسات والسلوكيات الدخيلة من جانب بعض الطلاب، وإعادة تقويم سلوكيّاتهم بالشكل الذي يخدم العملية التعليمية ويجعلها تؤدّي مهامّها بالشكل الأمثل والمطلوب، وبصفة خاصة المهام التربوية والسلوكية. أهم ما يميّز اللائحة الطلابية الجديدة أنها تمزج بين العقاب والثواب، ففي ما يتعلق بالشقّ الأول، فإن اللائحة تفرض عقوبات على الطلاب الذين لا يراعون قواعد العمل المدرسي، ويقومون بممارسات من شأنها الإضرار بالعمليّة التعليميّة، كاستخدام العنف البدنيّ ضد أقرانهم الطلاب، أو ضد مدرسيهم، أو حتى استخدام العنف اللفظيّ، أو إتلاف ممتلكات المدرسة بأيّ وسيلة، حيث تقضي اللائحة بـ"حرمان الطالب من الدراسة لمدة عام دراسيّ في صفوف المرحلة الإلزامية، في حالة الاعتداء على المدرّس أو العاملين في المدرسة، أو الاعتداء الجنسي، أو استخدام الأسلحة البيضاء". كما تطبّق هذه العقوبة أيضاً في حالة توزيع الطالب كلّ ما هو مخالف للتعاليم الدينيّة والنظام العام في المجتمع المدرسي، أو تزوير الوثائق الرسمية في المدرسة. أما في ما يتعلق بالشقّ الثاني، فإن اللائحة تتضمّن تحفيزات إيجابية للطلاب المنضبطين لتشجيعهم على السلوكيات الحميدة، والابتعاد عن الممارسات الخطأ، من خلال منحهم شهادات التّقدير، والسماح بمشاركتهم في الأنشطة ومجالس الطلاب، وتكريمهم في المناسبات الدراسيّة المختلفة. اللائحة الجديدة وما تتضمّنه من ضوابط وتحفيزات، وإن كانت ستسهم في تعديل سلوك الطلاب داخل مدارسنا بمرور الوقت، فإنها تحفظ للمدرّس أيضاً مكانته ووضعيته اللائقة واحترامه داخل المجتمع المدرسي في مواجهة أيّ تجاوزات من جانب بعض الطلاب، وهذا الجانب ينطوي على قدر كبير من الأهميّة؛ لأن المعلم يُعدّ أحد أهم أطراف العملية التعليمية، ومن دون استعادة مكانته ودوره الحقيقي، يصبح الحديث عن الارتقاء بالبيئة التعليميّة عديم الجدوى، فالتجاوزات التي كان المعلمون يتعرّضون لها من جانب بعض الطلاب تعدّ أحد أسباب نفور الكثير من امتهان هذه المهنة السامية في رسالتها، والاتجاه إلى مهن أخرى. كما أن اللائحة الطلابيّة الجديدة تأخذ في الاعتبار كذلك الدور المهمّ الذي يمكن أن يقوم به أولياء الأمور في ضبط سلوكيات أبنائهم الطلاب. كما أن اللائحة الجديدة، وبرغم مضمونيها التربوي والحضاري، فإن لها مردودها الإيجابي المتوقّع على العملية التعليمية، لأنها تضبط أداء الطلاب، وتجعل تركيزهم الأساسيّ منصباً على العملية التعليمية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من قدرتهم على الاستيعاب والتحصيل، كما أن هذه اللائحة بما تتضمّنه من قيم إيجابية عديدة تعيد إلى المدرسة دورها ومكانتها في التنشئتين الاجتماعيّة والتربويّة الصحيحتين. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.