تعدّ دولة الإمارات من أكثر دول العالم اهتماماً بالبعد الإنساني في سياستها الخارجيّة، فهي تكاد تكون حاضرة في مختلف مناطق الأزمات والكوارث، سواء عبر مساعداتها الإنسانيّة، أو مبادراتها التي تستهدف التخفيف من معاناة البشر. في هذا الإطار تبرز بعض الأدوار الرائدة من جانب بعض المؤسسات الخيريّة التي ترجمت هذا البعد الإنساني، وفي مقدّمتها "مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان الخيرية"، التي أنشئت في يوليو 2007، فهي تعدّ إحدى أهم مؤسسات العمل الخيري والإنساني، وتجسّد بوضوح نهج الدولة الإنساني، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وقد طرحت العديد من المبادرات الإنسانية الرائدة التي حقّقت نقلة نوعية في هذا المجال؛ ما جعلها تتبوأ مكانة متميّزة بين مؤسسات العمل الخيري والإنساني الإقليمية والدولية. في مختلف الأزمات والكوارث الإنسانيّة كانت "مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان" حاضرة، وكان آخر ما قامت به دورها المهمّ في تقديم المساعدات والمعونات إلى ضحايا زلزال هايتي، فلم تكتفِ بإرسال المساعدات، بل كانت موجودة أيضاً في مناطق الكارثة، ونسّقت مع حكومة الدومينيكان من خلال الشراء المباشر لمواد الإغاثة الطارئة والمستلزمات الضروريّة من السوق المحلية في جمهورية الدومينيكان، وذلك كي تضمن وصول المساعدات إلى مستحقّيها. "هيئة الهلال الأحمر الإماراتية"، التي تحتفل بالذكرى السابعة والعشرين لإنشائها هذه الأيام، تقوم هي الأخرى بدور مهمّ في تنفيذ أجندة الدولة الإنسانية في الداخل والخارج على حدٍّ سواء، وأصبحت من أهم المنظّمات الدولية العاملة في المجال الإنساني، التي تنضوي تحت لواء "الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر"، التي يبلغ عددها الآن 186 جمعيّة وطنيّة حول العالم، وتغطّي جهود "هيئة الهلال الأحمر" حتى الآن 95 دولة حول العالم، وبلغت قيمة برامج الإغاثة والمشروعات المنفّذة في تلك الدول نحو ثلاثة مليارات درهم. الأدوار الإنسانية المهمّة التي تقوم بها كلّ من "مؤسسة خليفة الخيريّة" و"هيئة الهلال الأحمر الإماراتية" تتكامل مع المهام التي تقوم بها المؤسسات الأخرى داخل الدولة، كـ"مؤسسة زايد الخيريّة"، و"مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيريّة والإنسانيّة"، في إبراز دور الدولة الإنساني. وهذه الأدوار تنطوي على معانٍ مهمّة أولها، أن دور الإمارات الإنساني لا يتوقف على تقديم المساعدات الماديّة إلى المحتاجين لها في مناطق الكوارث والنزاعات، إنما يمتدّ إلى التحرك نحو هذه المناطق، والتفاعل المباشر مع مشكلاتها، والمشاركة في الجهود الإنسانيّة عن قرب، وهذا يعكس إحساساً عميقاً بالمسؤولية الإنسانية لدى القيادة الإماراتيّة، وإيماناً راسخاً بالدور الإنساني لدولة الإمارات العربية المتحدة على الساحتين الإقليمية والدولية. المعنى الثاني، أن الأدوار المهمّة التي تقوم بها المؤسسات الخيرية في الدولة على الصعيد الخارجي تستهدف تحقيق هدف رئيسي هو تعزيز التضامن الدولي في مواجهة الكوارث والتحديات؛ لأن من شأن ذلك أن يعزّز التواصل والثقة بين الشعوب بما يعمّق من عوامل التفاهم على حساب عوامل الصراع ومسبّباته، وهذا يخدم قضايا التنمية والسلام والاستقرار في العالم كلّه. المعنى الثالث، أن الرسالة الإنسانية لدولة الإمارات هي رسالة عالميّة، وليست دينية أو عرقية أو مذهبية، فهي تدعو إلى نجدة ومساعدة المحتاجين إلى المساعدة والنجدة في أيّ مكان في العالم من دون نظر إلى دين أو عرق أو لون.