"اقرأها عندما تسنح لك فرصة،" قال صديقي وهو يعطيني مذكرات أوباما "أحلام من والدي". لدي الآن مزيد من الأمل بعد أن قرأت الكتاب حول احتمالات السلام في الشرق الأوسط. سَخِر جهابذة محطة "فوكس" الإخبارية أثناء الحملة الانتخابية من تجربة أوباما وهو شاب في مدينة شيكاغو كمنظم اجتماعي. لكن بعد أن عَمِلْت مع تربويين في الميدان خلال السنوات العشر الماضية، في فلسطين وإسرائيل والأردن وأرمينيا وجورجيا وأذربيجان، أقول: يتوجب على أوباما الاستفادة من تجربته كمنظّم اجتماعي. يُنظَر أحياناً إلى التنظيم الاجتماعي و"التنمية الدولية" على أنهما مجالان منفصلان تماماً. لكن التنمية الدولية الناجحة، بما فيها عمليات "بناء السلام" و"بناء الأمم"، هي عملية تنظيم مجتمع على مستوى عالمي. عندما انتقل أوباما الشاب إلى شيكاغو للعمل في المجتمعات المحلية الإفريقية الأميركية المكافِحة، وجد شعوراً جارفاً بانعدام القدرة. آمن معظم الذين قابلهم بأن المستقبل لا يخبئ سوى مزيد من الحاضر. لم يأتِ وهو يحمل خطة معدّة سلفاً لإنقاذهم. كان منظّم مجتمع يملك سلطة لا ترتكز إلا على الثقة التي اكتسبها. كان هدفه الأول أن يصغي، وأن يتعرف على الأحياء وأن يعرف المزيد عن السكان: ما الذي يحفّزهم ويحرّكهم وما الذي يحتاجونه؟ اكتشف كيف تعمل المجتمعات المحلية وكيف يجري تمرير المعلومات، ومن هم أصحاب الآراء المهمة التي تحمل وزناً، ومن الذي يمكن الثقة به ومن الذي يملك القدرة على القيادة. كان هدفه في تلك اللحظة بناء الثقة. احتاج أوباما وحلفاؤه أن يُظهِروا كيف يمكنهم تحقيق شيء إيجابي من خلال العمل معاً. نجحوا عندما تمكنوا من الحشد حول قضية الإسبست في جدران المشاريع الإسكانيّة حيث يقيم السكان الفقراء. شكّل ذلك النجاح جزءاً من هدف أوسع لتنظيم وإشراك المواطنين. تعامل بوش الابن مع السياسة الخارجية بعقلية قد يكون حصل عليها في كلية إدارة الأعمال. تنظيم المجتمع أمر مختلف. لا يستطيع منظّم المجتمع مجرد إعطاء الأوامر لسكان الأحياء. "سوف يتساءلون: "من هو هذا الشخص؟"، و"ما الذي يعطيه السلطة"؟ يتصل منظّم المجتمع الناجح مع زعماء المجتمع المحلي. يتوجه نحو العمل بتواضع، يتجاوب مع احتياجات الناس. هناك جمود في العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية، وهناك يأس وغضب يتجمّعان. نصيحتي لأوباما: تذكَّر شيكاغو. وبينما يصغي هو وأعضاء فريقه للفلسطينيين والإسرائيليين، سيجدون شعوراً مألوفاً من اليأس. سيجدون زعماء مجتمعات محلّية ناشطين، ذوي عناد ورؤية. خذ زمام القيادة من المحليين الذين يستحقون الثقة. أُحصل على ثِقتهم. حقّق الاحتياجات المحلّية. كفى الحديث عن نوع ما من السلام البعيد. يريد الفلسطينيون والإسرائيليون فوائد ملموسة. يريد التربويون على الجانبين ورشات عمل تبين لهم كيف يكونون أكثر فعالية في مدارسهم ومجتمعاتهم. يجب أن تكون تجارب الناس المتبادلة التي تلهمنا متأصّلة في أسلوب مستدام في المجتمع. وينبغي أخذ الرأي المحلي على محمل الجد، والعمل من خلال هياكل السلطة على الأرض. النجاح يتطلب المشاركة النشطة للتربويين الفلسطينيين الحكوميين المستعدين للعمل اليوم من أجل تغيير إيجابي. سوف يعملون من أجل مستقبل أكثر سلاماً مع نوع التصميم الذي أظهره هؤلاء في شيكاغو حين حشدوا مع أوباما الشاب لإزالة مادة الإسبست من جدران مشاريع الإسكان. د. دانييل نوح موسى مدير برنامج "وفود القادة" في منظمة "بذور السلام" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية