يشير تعبير "نقل التكنولوجيا" إلى التقنيات المتقدمة، وإلى الأهداف من نقلها في إطار تطلع الدول النامية لبلوغ ذلك المقصد التكنولوجي سعياً للتخلص من مشكلاتها الاقتصادية في ظل افتقارها للمعارف والخبرات والوسائل الفنية. هذا الوضع هو ما أدى إلى زيادة الحديث عن "عقود نقل التكنولوجيا"، العبارة التي عنون بها الدكتور وليد عودة الهمشري كتابه الذي نعرضه هنا، وقد ركز فيه، وبمنهجيةٍ مقارنةٍٍ، على مسألة "الالتزامات المتبادلة والشروط التقييدية"، وذلك عبر خمسة فصول تناولت "ماهية عقود نقل التكنولوجيا"، و"الالتزامات التي يستقل بها مورّد التكنولوجيا"، و"الالتزامات التي يستقل بها متلقي التكنولوجيا"، و"الالتزامات المشتركة لمورد ومتلقي التكنولوجيا"، و"أخيراً الشروط التقييدية في عقود نقل التكنولوجيا". وخلال ذلك انصب اهتمام الكتاب على الالتزامات المتبادلة والشروط التقييدية في عقود نقل التكنولوجيا، على ضوء المادة السادسة من قانون المنافسة غير المشروعة الأردني رقم 15 لسنة 2000، مقارنة بالقانونين المصري والأميركي، وتقنين السلوك الدولي لنقل التكنولوجيا والاتفاقيات الدولية، وبخاصة اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجانس (تريس)، وبعض التشريعات الوطنية في دول أخرى. وقد بين المؤلف مفهوم التكنولوجيا ونقلها، وأهم الخصائص المميزة لعقد نقل التكنولوجيا، وأبرز الجهود الدولية والإقليمية لتنظيم نقل التكنولوجيا، والآليات القانونية في مجال نقل التكنولوجيا، من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر، وعقود تداول وتسويق التكنولوجيا؛ كعقد الترخيص، وعقد المفتاح في اليد، وعقد المنتج في اليد، وعقد تسليم الإنتاج والتسويق، بالإضافة إلى العقود التي محلها اكتساب التكنولوجيا مثل عقد المساعدة الفنية وعقد التدريب والتأهيل. وإذا كان نقل التكنولوجيا من موضوعات القانون التجاري التي حظيت عقودها بالبحث والدراسة لبيان بنائها ومشروعية شروطها، فإنها لم تكن تثار في العقود السابقة بالنمط والكيفية الذين بدأت تثار بهما بعد بدء سريان اتفاق منظمة التجارة العالمية عام 1995. ومرد ذلك، حسب المؤلف، أن هذه الاتفاقية نصت صراحة على الأثر السلبي للشروط المقيدة لنقل التكنولوجيا، والشروط المانعة للمنافسة التي تتضمنها هذه العقود، وعلى حق الدول في اتخاذ التدابير المانعة لمثل هذه الشروط وآثارها. وفي هذا الإطار يذكّر المؤلف بأهمية أمور ثلاثة أساسية انطوى عليها النظام الاقتصادي العالمي الجديد: أولها إعادة تنظيم التجارة الدولية في ضوء مصالح الشركات العابرة للحدود، وثانيها إعادة تنظيم الملكية الفكرية في إطار قواعد صارمة تتعلق بتطورات فكرة الاقتصاد القائم على المعرفة، وثالثها تنظيم نقل التكنولوجيا. وكما يوضح الكتاب، فإن الأنماط التعاقدية والآليات القانونية، تمثل أهمية خاصة في النقل الفعلي للمعارف التكنولوجية التي تشكل إحدى الركائز الأساسية لمفهوم التطور والنمو لدى الدول النامية. وما فتئت هذه القضية محور اهتمام لكثير من المؤتمرات والندوات الدولية، لاسيما بعد أن عبرت مجموعة متزايدة من الدول عن رغبتها في تخطي حواجز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمتها حاجز احتكار التكنولوجيا، والقوانين الجديدة لحقوق الملكية الفكرية. وبذلك أصبح نقل التكنولوجيا قضية أساسية من قضايا حوار الشمال والجنوب، حيث برزت أهمية البحث القانوني في العقود الدولية لنقل التكنولوجيا إلى الدول النامية ومشروعاتها التنموية. وكما يوضح المؤلف فإن عقد نقل التكنولوجيا من العقود الملزمة لجانبيه، إذ يرتب عليهما التزامات مشتركة ويمنح كل منهما ضمانات تؤمّن تنفيذ الطرف الآخر لواجباته في إطار العقد، ومنها نقل عناصر التكنولوجيا، المادية وغير المادية، محل التعاقد، وتقديم المساعدة الفنية أيضاً. وفي هذا الخصوص يعرّف المؤلف بالمساعدة الفنية من حيث مفهومها وآلياتها وأساسها القانوني وطرق تقديمها للطرف المتلقي. ثم يتطرق لالتزام المورّد بالضمان، مبيناً الأساس القانوني لهذا الالتزام وصوره من حيث التعرض، والاستحقاق، وضمان العيوب الخفية، وضمان تحقيق النتيجة. أما فيما يتعلق بالالتزامات المناطة بالطرف الآخر، فيتطرق المؤلف إلى التزام المتلقي بدفع المقابل، من حيث صور هذا المقابل، نقدياً كان أم عينياً أم غيره، كما يبين الآليات القانونية لدفع ذلك المقابل، فضلا عن التزامه بتهيئة البيئة الملائمة للتكنولوجيا المنقولة. وأخيراً التزام المتلقي بعدم الترخيص من الباطن. ومن الالتزامات المشتركة بين المورّد والمتلقي، الحفاظ على سرية المعارفة الفنية المندرجة في عقد نقل التكنولوجيا، وكذلك الالتزام بالتبصير ودرء المخاطر، وبتبادل التحسينات. وفي نهاية كتابه المتخصص جداً، يبحث المؤلف موضوع الشروط التقييدية، معرِّفاً بماهية الشروط المقيدة وصورها، ومبيناً وظيفتها وآثارها على المتلقي، وموقف الهيئات الدولية والاتفاقيات والتشريعات الوطنية من الشروط المقيدة. محمد ولد المنى الكتاب: عقود نقل التكنولوجيا المؤلف: د. وليد عودة الهمشري الناشر: دار الثقافة للنشر والتوزيع تاريخ النشر: 2009