في خطوة مهمّة تعكس إدراك الدولة واقع التحديات التنمويّة التي تواجهها ومستقبلها، والخطوات المطلوبة للتعامل معها، جاء قرار مجلس الوزراء رقم 37 لسنة 2009 بشأن إنشاء مجلس الإمارات للماء والكهرباء، ليضع الأساس التشريعي لإنشاء الإطار المؤسّسي الذي يمكن من خلاله التخطيط لقضيتين من أهم القضايا ذات الصلة المباشرة بالتنمية، وهما الماء والكهرباء. إن إنشاء مجلس الإمارات للماء والكهرباء يحقّق هدفاً مهماً، وهو التنسيق والتعاون بين الهيئات المعنيّة بالماء والكهرباء في الإمارات المختلفة، حيث ينصّ القرار على أن من أهداف المجلس تشجيع هذه الهيئات على توحيد المواصفات الفنية، وتعزيز المشروعات المشتركة فيما بينها، والتنسيق بين برامج الترشيد في استهلاك المياه والكهرباء من خلال حملات التوعية المستمرّة، ونشر ثقافة الترشيد، والتنسيق حول تبنّي إطار متكامل لإدارة موارد مياه التحلية والمبادرات الخاصة بالطاقة البديلة والمتجدّدة وغيرها من المجالات. ولا شكّ أن ذلك من شأنه أن يزيد من فاعليّة سياسات التعامل مع الماء والكهرباء، وتعميم هذه الفاعلية على إمارات الدولة المختلفة بما يعود بالخير على الدولة وشعبها في إماراتها كلّها. وإضافة إلى ما سبق، فإن ما يعطي هذه الخطوة أهمية خاصة، ويجعلها استجابة لمقتضيات ملحّة، ثلاثة أمور، أولها معدل الاستهلاك العالي وغير الرشيد للماء والكهرباء في الدولة بما يفوق المعدلات العالمية، ويؤدّي إلى إهدار كبير لهذين الموردين الحيويّين اللذين يكلفان الخزانة العامة مليارات الدولارات. في هذا السياق، فإن الإحصاءات تشير إلى أن نصيب الفرد في الإمارات من المياه يومياً يبلغ 550 لتراً، فيما يبلغ المعدل في العالم 250 لتراً يومياً، وتحتلّ المرتبة السادسة عالمياً، والأولى خليجياً في معدلات استهلاك الطاقة. الأمر الثاني هو أنه في الوقت الذي تعاني فيه الإمارات معدل الاستهلاك المرتفع الذي يصل إلى حدِّ الإسراف في الماء والكهرباء، فإن التقديرات تشير إلى أن التزايد المطّرد في عدد السكان في الدولة من شأنه أن يزيد هذا المعدل خلال السنوات المقبلة إذا لم تتم السيطرة عليه من خلال برامج مختلفة. في هذا الإطار، فإنّ التقرير السنوي لعام 2008 الصادر عن "المكتب الإقليمي لشرق المتوسط" التابع لـ"منظمة الصحة العالمية"، قد صنّف الإمارات من بين أعلى دول إقليم شرق المتوسط من حيث النمو السكاني، بمعدل نمو سنويّ يبلغ 6.2 في المئة. الأمر الثالث هو أن الإمارات من الدول التي تعاني نقصاً في موارد المياه لأسباب طبيعيّة ومناخيّة، ومن ثم، فإنها تعتمد بشكل كبير على تحلية المياه حيث تحتل المرتبة الثانية عالمياً في إنتاج المياه بما يزيد على 8.4 مليون متر مكّعب من المياه يومياً، بما ينطوي عليه ذلك من تكلفة مالية ضخمة، ومن ثمّ فإن ترشيد استهلاك المياه قد أصبح هدفاً استراتيجياً للدولة، وهذا ما يتضح من برامج التوعية وخططها، وتقنيات الترشيد التي يتم استخدامها، خاصّة أن الاستهلاك غير الرشيد للمياه لا تتوقف آثاره السلبيّة على جانب التكلفة المادية فقط، وإنما تمتدّ إلى جوانب أخرى، حيث يؤدّي إلى زيادة ملوحة المياه الجوفية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.