يكتسب موضوع الجنسية أهمية كبيرة بالنسبة للطفل، فالجنسية هي العلاقة القانونية والسياسية التي تربط الطفل منذ لحظة ميلاده بدولة معينة، وبناء على اكتساب هذه الجنسية تترتب للطفل الحقوق والضمانات التي تكفلها الدولة للاطفال المتمتعين بجنسيتها، ومن ثم فإن تمتع الطفل بجنسية ما يساهم اسهاماً كبيراً في توفير مظاهر الحماية القانونية والاجتماعية التي يحتاجها في هذه المرحلة العمرية الحرجة. وللقضية بعد إنساني خاصة عندما تتعلق بممارسة التمييز ضد هذه الفئة من الأطفال من ناحية حق التعليم والحصول على الخدمات الصحية والخدمات الاجتماعية وغيرها من الحقوق التي توفرها الدولة، ونخص بالذكر في مقالنا هذا حقوق فئة صغيرة من المجتمع مارست حقها الطبيعي في الزواج والإنجاب لكن ترتب على خياراتها أن يتحمل الأبناء أوضاعا إنسانية صعبة وتمييزاً في القوانين والنظم. لقد صادقت دولة الإمارات العربية المتحدة على اتفاقية حقوق الطفل في 3 يناير 1997، لكنها تحفظت على المادة السابعة من الاتفاقية بشأن تسجيل الطفل بعد ولادته فوراً وحقه منذ ولادته في اسمه والحق في اكتساب الجنسية، وبينت دولة الإمارات في أسباب تحفظها على هذه المادة أن اكتساب الجنسية شأن داخلي تنظمه وتضع شروطه وضوابطه التشريعات الوطنية. كما تحفظت على المادة (14)، التي تتعلق بحق الطفل في حرية العقيدة والدين، حيث قصرت التزامها بمضمون هذه المادة إلى المدى الذي لا يتعارض مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية. والمادة (17) التي تتعلق بضمان الأطراف حق الطفل في الحصول على المعلومات من المصادر الوطنية والدولية المتنوعة، إذ قصرت التزامها بها في ضوء ما تقرره الأنظمة والقوانين المحلية، وبما لا يُخل بتقاليدها وقيمها الثقافية. والمادة رقم (21)، التي تتعلق بالتبني؛ حيث أبدت التزامها بمبادئ الشريعة الإسلامية التي لا تجيز التبني. وما يهمنا هنا هو التحفظ على المادة (7)، وفي هذا الخصوص تجدر الإشارة إلى أن دولة الإمارات صادقت على "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" في 5 أكتوبر 2004 إلا أنها تحفظت على عدد من المواد يهمنا هنا التحفظ على المادة (9)، التي تتعلق بالحقوق المتساوية فيما يخص جنسية الأطفال، حيث أشارت الدولة في بيانها لأسباب التحفظ بأن الجنسية مسألة داخلية تخضع لضوابط القانون الوطني. على الرغم من جهود دولة الإمارات الواضحة في توفير المساواة بين الجنسين في القوانين والأنظمة سواء في التعليم أو في سوق العمل، إلا أن هناك تمييزاً واضحاً في قوانين الجنسية في التعامل بين المواطن والمواطنة، فزوجة المواطن الأجنبية وأبناؤه يكتسبون جنسية الزوج، لكن هذا لا ينطبق على زوج المواطنة أو أبنائها. ناهيك عن أن المواطنة لا تستطيع حتى تأمين إقامة شرعية لزوجها الأجنبي في بعض الحالات. أما التمييز في التمتع بالخدمات لأبنائها فهو وجه آخر للتمييز. إن حقوق الإنسان ثابتة للإنسان بما هو إنسان بغض النظر عن أي صفة ثانوية لاحقة، كالجنس أو العرق أو الدين أو النسب. إن المطالبة بتعديل القوانين التي تحكم منح الجنسية لأبناء المواطنات المتزوجات من أجانب سيشكل إضافة واضحة في سبيل حماية وتعزيز حقوق الإنسان في دولة الإمارات فحماية حقوق الطفل والارتقاء به من كل النواحي الصحية والنفسية والتعليمية والإقرار بحقوقه المتنوعة وكفالة احترامها وتطبيقها يعد معياراً يقاس به تقدم الدول وتحضرها وهو مؤشر اجتماعي وإنساني لمدى التقدم في أوضاع حقوق الإنسان في الدولة.