أصبح الاهتمام بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير البيئة المناسبة لنموها وزيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني أحد التوجّهات التنموية المهمّة التي تحرص الدولة على تطويرها بشكل مستمر، لتعظيم الدور الذي تقوم به في مسيرة النهضة الشاملة. من هذا المنطلق جاءت موافقة المجلس الوزاري للخدمات برئاسة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، مؤخراً، على البدء في إعداد قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الذي يعكس بوضوح مدى الاهتمام الذي توليه الدولة بهذا المجال؛ فالقانون المزمع إعداده يهدف بالأساس إلى دعم مشروعات المواطنين الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز روح التنافسية بين أصحاب هذه المشروعات، وتنظيم عمل هذا القطاع المهم وتحديد المسؤوليات والواجبات القانونية والتجارية للمالكين والمستثمرين والشركاء. إعلان هذا القانون يأتي ضمن سلسلة أخرى من الإجراءات تستهدف دعم هذا القطاع الحيوي، كتأسيس مجلس اتحادي لدعم هذه المشروعات تقوم وزارة الاقتصاد على بلورته الآن، ستكون مهمّته الرئيسية تقديم الدعم المالي والفني وتدريب الكوادر الوطنية من خلال المؤسسات والجهات المهتمّة بدعم مشروعات الشباب، والاستفادة من الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية والدولية في ما يتعلّق بهذا القطاع، إضافة إلى تأسيس صندوق اتحادي لتقديم الدعم المالي بالتعاون بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية. كما تدرس وزارة الاقتصاد حالياً كيفية إيجاد مصادر تمويل جديدة لهذه المشروعات، مثل ابتكار برامج تمويلية مشتركة لتخفيف الضغط المالي على أصحاب هذه المشروعات. وإضافة إلى ما سبق، فإن هناك العديد من المؤسسات داخل الدولة توفر الدعم المالي والاستشاري لهذه المشروعات، في مقدّمتها "صندوق خليفة لدعم وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة"، حيث يقوم بدور مهم في التمويل والتدريب وتقديم الاستشارات الفنية، في إطار من الخدمة الشاملة التي تستهدف إنجاح المشروع ومساعدة القائمين عليه، وهناك أيضاً "مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب"، و"مؤسسة الشارقة لدعم المشاريع الريادية" (رواد) وغيرها من المبادرات والبرامج مثل برنامج "مبدعة" الذي يرعاه "مجلس سيدات أعمال أبوظبي" و"غرفة تجارة وصناعة أبوظبي"، وبدأ في عام 2005، ويقوم على منح المواطنات رخصاً تجارية تتيح لهن ممارسة العمل التجاري من المنزل مع تقديم الخدمات المساعدة لهن في مجال التسويق. لا شكّ في أن توجّه الدولة نحو الاهتمام بتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ينطوي على مردودات إيجابية عديدة، تمثّل إضافة إلى الاقتصاد الوطني، أولها معالجة مشكلة البطالة من خلال جذب المواطنين الذين لا يجدون فرصة توظيف نحو العمل الحر في مشروع خاص، ووفقاً لتقرير صدر عن بنك "ستاندرد تشارترد"، في شهر أغسطس الماضي، فإن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة يوفر أكثر من 86 في المئة من فرص العمل في الدولة، وهي النسبة العليا بين دول منطقة الشرق الأوسط. ثانيها توجيه المدّخرات المحلية إلى مجال الإنتاج والاستثمار بدلاً من استنزافها في مجالات الاستهلاك المختلفة. ثالثها المساهمة في تنويع هيكل الإنتاج في الدولة، حيث يمكن للمشروعات الصغيرة والمتوسطة أن تشارك في إنتاج الكثير من السلع الوسيطة المتنوّعة التي يحتاج إليها الاقتصاد الوطني، والسلع التي تتواءم مع احتياجات المناطق المختلفة التي تقام فيها هذه المشروعات. وأخيراً فإن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تسهم في تحقيق التنمية المتوازنة بالدولة، حيث تتميّز هذه المشروعات بالقدرة على الانتشار والحركة، وبالتالي تغطية المناطق المختلفة في الدولة وعدم التركز في مكان أو أمكنة محددة عدّة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.