فيما لو كنت عضواً بمجلس الشيوخ، فلن أصوت لصالح قانون إصلاح نظام الرعاية الصحية الذي تتم مناقشته حالياً داخل المجلس. ذلك أن أي إجراء يهدف إلى توسيع نطاق احتكار شركات التأمين الخاصة للرعاية الصحية، ما يعني تحويل ملايين الدولارات المستقطعة من دافعي الضرائب الأميركيين إلى خزانات الشركات الخاصة، لا يمكن أن يطلق عليه إصلاح للرعاية الصحية. كما أن الإصلاح الحقيقي للرعاية الصحية، لا بد من أن يؤدي إلى تنافس حقيقي في سوق التأمين، ويرغم شركات التأمين على خفض تكلفتها الإدارية غير الضرورية، مقابل إنفاق الدولارات التي تحول إليها على العناية بالمرضى ورعايتهم صحياً. بعبارة أخرى فإن الإصلاح الحقيقي للرعاية الصحية لا بد من أن يؤدي إلى خفض هائل في التكلفة مقابل إحداث تحسن ملحوظ على مستوى الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين، بما يعطي جميع الأميركيين خيارات عديدة ذات معنى لتغطيتهم صحياً. أما القانون المعروض الآن أمام مجلس الشيوخ، فلا يحقق أياً من هذه الأهداف. والمفترض في الإصلاح الحقيقي أن يزيل أي تمييز بين المرضى على أساس أوضاعهم الصحية القائمة. ولكن التشريع الحالي يجيز لشركات التأمين فرض رسوم إضافية على كبار السن، تصل إلى ثلاثة أمثال ما يدفعه المرضى الشباب للشركات نفسها من أجل التمتع بالتغطية الصحية. وكان مفترضاً في التشريع أن يمنح الأميركيين خيارات عديدة لنوع النظام الذي يرغبون في الانضمام إليه. أما التشريع الحالي، فلا يفعل ذلك بل يعاقب المواطنين بدفع غرامات إن لم يسجلوا أسماءهم لدى شركات التأمين. وربما تصل هذه الغرامة إلى نسبة 30 في المئة من قيمة التغطية الأساسية، أي ما تقدر جملته بمبلغ 20 مليون دولار، سوف تنفق على بند رواتب المدراء التنفيذيين، أو تحسب ضمن أرباح حملة أسهم هذه الشركات. وعليه فلن يستفيد أي أميركي من مزايا التشريع الحالي قبل حلول عام 2014، وهو الوقت الذي تتوقع فيه مضاعفة قيمة التغطية الصحية الأساسية للمواطنين. يمكن القول باختصار إذاً إن شركات التأمين هي المستفيد الأول من هذا التشريع، في حين يرجح أن يكون المواطن الأميركي قريباً بحاجة عاجلة لخطة إنقاذ صحي لأنه سيكون في وضع أشد بؤساً من ذلك الذي تعرضت له مجموعة AIG. ومنذ بداية الحوار العام حول إصلاح الرعاية الصحية، كان من رأي التقدميين الذين انخرطوا في الحوار أن من شأن توفير خيار عام أو شراء بطاقات Medicare إعادة التنافس وإرغام شركات التأمين الصحي الخاصة على تحمل مسؤوليتها. كما أدرك التقدميون منذ بداية الحوار أن خطة عامة للرعاية الصحية هي التي تتيح للأميركيين فرصاً عديدة لاختيار نوع نظام الرعاية الذي يرغبون في الالتحاق به، فضلاً عن الحرية التي يمنحها إياهم في تحديد الكيفية التي يريدون بها إنفاق أموال الرعاية المخصصة لهم. ولكن المؤسف أن واشنطن هي التي رأت أنه لا يمكن الوثوق بقدرة المواطنين على تحديد خياراتهم. وكان لسان حال التشريع الصادر من عندها هو: سوف تذهب أموالكم إلى شركات التأمين..شئتم أم أبيتم. ولا يعني هذا التعليق التعبير عن يأس من جدوى التشريع الخاص بإصلاح الرعاية الصحية. فهو لا يخلو من النقاط الإيجابية مثل توسيع خدمات Medicaid وزيادة مساهمة الخزانة الفيدرالية فيها على نحو مستديم. ومن بين النقاط الإيجابية في التشريع أنه يستثمر أموالاً حقيقية في الصحة العامة، وفي برامج الوقاية من الأمراض والحفاظ على صحة المواطنين، ويمدد فترة الصندوق الائتماني لخدمات Medicare. وفوق ذلك كله يسمح التشريع ببقاء الأولاد والبنات ضمن خطط الرعاية الصحية لآبائهم حتى بلوغهم سن 27 عاماً. إلى ذلك سوف تحصل الشركات والاستثمارات الصغيرة التي تعاني من ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية لموظفيها على مساعدات ائتمان ضريبي، في حين سوف يلاحظ أطباء الرعاية الصحية الأساسية زيادة واضحة في معدلات إعادة صرف ما دفعه المرضى المستفيدون من خدمات كل من Medicare. ولا يزال ممكناً إدخال تحسينات على هذا التشريع داخل مجلس الشيوخ، وآمل أن يعمل "الديمقراطيون" من أعضاء مجلس الشيوخ على هذه التحسينات قبل انعقاد المؤتمر القومي للحزب. وفيما لو أراد المشرعون إظهار حرصهم على أن تنفق الأموال المخصصة للرعاية الصحية على صحة المواطنين والعناية بهم بدلاً من تخصيصها لزيادة رواتب المدراء التنفيذيين لشركات التأمين، فإن عليهم أن يدققوا في اختيار شركات التأمين الأعلى كفاءة على أساس تنافسي حقيقي. يذكر أن السيناتور جون كيري كان قد تقدم بمشروع تعديل بهذا الخصوص أثناء مراجعة التشريع لدى اللجنة المالية، وعلى الأعضاء "الديمقراطيين" إدراجه في متن التشريع. اختتم بالقول إني قد عملت على إصلاح الرعاية الصحية طوال حياتي السياسية. وفي ولايتي الأم "فيرمونت" تمكنا من توفير رعاية صحية شاملة حتى للأطفال دون الثامنة عشرة. وكان ذلك النظام إصلاحاً حقيقياً ليس لأنه لم يميز بين المواطنين على أساس حالاتهم الصحية السابقة فحسب، بل لأنه منع شركات التأمين من فرض رسوم إضافية باهظة على البعض بهدف استبعاد ذوي الحالات الصحية الأشد خطراً من نظام التأمين الصحي. وبحكم هذه الخبرة الطويلة في العمل في المجال، فقد أصبحت لديّ القدرة على تبين الإصلاح الفعلي متى ما لاحت مؤشراته لعيني. غير أني لا أرى أياً من هذه المؤشرات في التشريع الحالي المتوقع صدوره من مجلس الشيوخ. ولعل من المؤسف أن أختم بالقول إن هذا التشريع سوف يضر بأميركا أكثر مما ينفعها مستقبلاً. ------ هاورد دين حاكم سابق لولاية فيرمونت الأميركية من 1991-2002 ------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"