البؤس يهيمن على "القطاع"...وإسرائيل لا تريد السلام الذكرى الثانية والعشرون لتأسيس حركة "حماس"، وصدور مذكرة اعتقال في حق وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، وإحراق مسجد في الضفة الغربية من قبل مستوطنين إسرائيليين... موضوعات نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة في الصحافة الإسرائيلية. "حماس في عيد ميلادها": صحيفة "جيروزاليم بوست" أفردت افتتاحية عددها ليوم الاثنين للتعليق على حلول الذكرى الثانية والعشرين لتأسيس حركة "حماس" في قطاع غزة. وبهذه المناسبة، حاولت الصحيفة الرد على الانتقادات التي تُكال لإسرائيل من أنها مسؤولة عن تحويل قطاع غزة إلى "سجن مفتوح لسكانها الـ1.4 مليون نسمة" بسبب الحصار؛ فأقرت بوجود مظاهر البؤس واليأس في القطاع، ولكنها زعمت أن الجزء الأكبر منه إنما جرته "حماس" نفسها على الفلسطينيين، حيث تحظر الحركة على النساء سياقة الدراجات النارية، وتقيد حرية الصحفيين في الكتابة وانتقاد "حماس"، حتى لا يفضحوا حملة الاختطافات وعمليات القتل غير القانونية والتعذيب وتهديد منتقدي النظام بالقتل، حسب زعم الصحيفة. كما أقرت بأن إسرائيل تحظر دخول الفولاذ والإسمنت إلى القطاع – حتى لا يستعملا من قبل "حماس" في صناعة الأسلحة، كما تقول – ولكنها شددت بالمقابل على أن إسرائيل تسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ومن ذلك 698 شاحنة الأسبوع الماضي. بل إن الصحيفة ذهبت إلى حد القول إنه لا توجد أزمة إنسانية في غزة. إلى ذلك، رأت "جيروزاليم بوست" أن 2009 كانت سنة جيدة عموما بالنسبة لـ"حماس"، وذلك على اعتبار أن معظم قيادييها نجوا من الموت في الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة، ولم تجد صعوبة كبيرة في تعويض الأسلحة التي فقدتها وإعادة تكوين كوادرها، كما تمكنت من الإبقاء على مكان اعتقال الجندي الإسرائيلي الأسير طي الكتمان، و"واصلت عملية غسل أدمغة الأطفال الفلسطينيين حتى يتربوا على الكراهية". وعلاوة على ذلك، تضيف الصحيفة، فإن الانتكاسات العسكرية التي منيت بها "حماس" خلال الحرب الأخيرة عوضتها الحركة بعدد من الفوائد الدبلوماسية التي جنتها بفضل "تقرير جولدستون" و"التغطية الإعلامية بعد الحرب". وفي ختام افتتاحيتها، أشارت الصحيفة إلى ما يقول به بعض الخبراء والمحللين الاستراتيجيين من أنه ربما يجدر بإسرائيل أن تجرب مقاربة ميكيافيلية في التعامل مع "حماس"، مقاربة تقول الصحيفة إن بعض الاستراتيجيين الإسرائيليين قد يكونون مستعدين لبحثها إمكانية تبنيها، ولكن فقط لو تكف حماس "عن تذكيرنا – مثلما فعل هنية في تجمع يوم الاثنين - بأن "تحرير القطاع ليس سوى خطوة لتحرير كل فلسطين". مذكرة اعتقال ليفني "هآرتس" سلطت الضوء ضمن عددها لأمس الثلاثاء على بيان أصدرته وزارة الخارجية الإسرائيلية ودعت فيه إلى إنهاء ما سمته "الوضع السخيف" الذي يتم فيه إصدار مذكرات الاعتقال في حق مسؤولين إسرائيليين على خلفية ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة. وجاء الإعلان عقب تقارير تحدثت عن إلغاء وزيرة الخارجية الإسرائيلية خلال حرب غزة وزعيمة المعارضة الحالية تسيبي ليفني زيارة كانت مقررة إلى لندن بعد صدور مذكرة اعتقال في حقها هناك، وذلك على خلفية الدور الذي لعبته في الهجوم العسكري الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة قبل نحو عام. ونقلت الصحيفة عن مصادر بريطانية قولها مساء الاثنين إنه إذا كانت إحدى المحاكم البريطانية قد أصدرت مذكرة اعتقال في حق ليفني بسبب جرائم الحرب المفترضة التي ارتكبت في الحرب على غزة حين كانت وزيرة للخارجية، فإنها ألغتها حين اكتشفت أنها غير موجودة في بريطانيا. ويذكر هنا أن ليفني شغلت منصب وزيرة للخارجية إلى جانب رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة. كما أفادت الصحيفة أن السفير الإسرائيلي في لندن "رون بروسر" اجتمع مع مسؤولين في وزارة العدل البريطانية قالوا له إنه لا علم لهم بأي شكوى قضائية أو مذكرة اعتقال في حق ليفني؛ غير أن تعميق التحريات من قبل المسؤولين الإسرائيليين كشف عن صدور مذكرة اعتقال بالفعل. إحراق مسجد ياسوف النائب في البرلمان الإسرائيلي الكنيست عن حزب "البيت اليهودي" يوري أورباش ندد، في مقال له بعدد يوم الاثنين من صحيفة "يديعوت أحرنوت"، بقيام مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين بإحراق مسجد بلدة ياسوف شمال الضفة الغربية، تنديد عبر عنه النائب الإسرائيلي "دون قيد أو شرط"، وقال إن إحراق المسجد "مقزز ومثير للاشمئزاز إضافة إلى كونه عملا شائنا وذميما وخطيرا وإجراميا". واعتبر أن إلحاق الضرر بدور العبادة "يُظهر إلى أي مدى يكره المرء عدوه و يمقت دينه ومشاعره، مع عدم الاعتراف في الوقت نفسه بحق عدوه في أن يكون مختلفاً عنه"؛ ولذلك، يواصل أورباش، فإن مهاجمة دور العبادة تخلق شعورا بالغضب والعار. ونفا الكاتب أن يكون على علم بمرتكبي هذه الجريمة الشنعاء، ولكنه أكد في الوقت نفسه أنه يعلم أنه "يوجد بيننا أشخاص قادرون على القيام بأعمال من هذا القبيل، أشخاص يشمون رائحة الوقود، وبدلا من أن يبحثوا عن إناء ممتلئ بالماء يبحثون عن عود ثقاب"، مضيفاً أنه "إضافة إلى هؤلاء المجانين القلة، هناك ثمة عدد أكبر من الأشخاص الذين سيدعمونهم ويقولون إن "تجميد الاستيطان مسألة أخطر"، متسائلاً عن الرابط بين الموضوعين، وما إن كان من شأن إضرام النار في المسجد أن ينهي تجميد الاستيطان أو يعمقه. إسرائيل لا تريد السلام: تحت عنوان "على نتنياهو أن يعترف بأن إسرائيل لا تريد السلام"، نشرت صحيفة "هآرتس" مقالًا لجدعون ليفي، شكك فيه في صدق نوايا القادة الإسرائيليين ورغبتهم في تحقيق السلام مع جيرانهم العرب، منتقداً سياسة المواربة والخداع والتلكؤ التي يتبعونها. أما مناسبة هذا الحديث، فهي مرور ستة أشهر على الخطاب الذي ألقاه نتنياهو بجامعة "بار إيلان" حول معالم السياسة الخارجية الجديدة لحكومته، وهو الخطاب الذي شدد فيه على رغبة بلاده في السلام مع الفلسطينيين والجيران العرب، وأعرب فيه عن تأييده لحل الدولتين. ولكن الكاتب يقول إن الحقيقة التي لا مراء فيها هي أن الإسرائيليين لا يرغبون في السلام، وعلى نتنياهو أن يقولها بصراحة في خطاب "تاريخي" آخر "حتى يدخل التاريخ باعتباره أول زعيم إسرائيلي يقول الحقيقة". فمثل هذا الخطاب، يقول الكاتب، من شأنه أن ينهي أوهام نتنياهو وإسرائيل لأن الحقيقة تحرر الإنسان، كما يقول. وستحرره من الضغوط الدولية والخارجية حيث لن تكون ثمة حاجة لتجميد الاستيطان، ولن تكون ثمة حاجة لتمزيق الأوامر بتجميد الاستيطان أمام كاميرات وسائل الإعلام والادعاء بأن إسرائيل دولة قانون. وبهذا، يقول ليفي، "يسقط الستار وتنتهي المسرحية. وحينها سيصبح من الممكن إزالة المساحيق والأقنعة والملابس". وحينها أيضا، سيقتنع نتنياهو لأول مرة في حياته ربما بقوة الحقيقة. تلك هي الحقيقة، يقول ليفي، فالإسرائيليون لا يريدون السلام لأنهم راضون عن الوضع كما هو. إعداد: محمد وقيف