رفعت المحامية شروق الفيلكاري، وهي خريجة جديدة من كلية الحقوق في جامعة الكويت دعوى ضد وزارة العدل لأنها امتنعت عن تسلم أوراقها التي قدمتها للعمل كباحثة قانونية بعد أن نشرت الوزارة إعلاناً تطلب فيه باحثاً قانونياً، علماً بأن مقدمة الطلب مواطنة حاصلة على شهادة القانون بمرتبة الشرف ومستوفية لكل الشروط المطلوبة. لقد أثار رفض وزارة العدل طلب المحامية للعمل غضب جميع أنصار المرأة في المجتمع الكويتي، فالمرأة في الكويت حصلت على حقوقها السياسية، وحققت انتصاراً بفوزها في انتخابات مجلس الأمة الأخيرة، حيث حصلت 4 نساء كويتيات على مقاعد في البرلمان، وبذلك أعطيت المرأة الكويتية حق التشريع، وهو حق أكبر من حق تولي منصب القضاء. فما الذي يمنع المرأة من تبوء منصب القضاء خصوصاً أن المرأة الكويتية أصبحت وزيرة ونائبة ودكتورة جامعية، وأستاذة في كلية الحقوق تخرج طلابا أصبحوا قضاة وهي لا يحق لها أن تكون قاضية. لماذا لم تحصل المرأة الكويتية على حقها في العمل في سلك القضاء علماً بأن الدستور لم يفرق بين المرأة والرجل، وكذلك الشريعة الإسلامية السمحاء، بمعنى أنه لا يوجد أي مبرر قانوني أو شرعي يمنع وصولها إلى هذه الوظيفة، فالمرأة في الوطن العربي والخليج نالت حقها في العمل في سلك القضاء منذ فترة طويلة، ولقد منحت دولة الإمارات ومملكة البحرين المرأة هذا الحق، علماً بأن الكويت قد سبقت كل دول الخليج في مجال الممارسة الديمقراطية. هناك أسباب كثيرة أدت إلى تأخر حصول المرأة على حقها في العمل في سلك القضاء، أهمها تأخر القرار السياسي، وعدم اتخاذ الحكومة والمسؤولين فيها قراراً جريئاً يعطي المرأة حقوقها كاملة، وقد يعود تأخر الحكومة إلى حقيقة أن الحركات النسائية في الكويت لا تزال مشتتة وضعيفة وذات صبغة نخبوية. فالحقوق في العادة تؤخذ ولا تعطى. لقد اكتفت الجمعيات النسائية بأسلوب التوعية وعقد الندوات والمحاضرات والمطالبات بالحقوق في المناسبات الخاصة بحقوق الإنسان. إنه لأمر مؤسف ومخجل أن الجمعيات النسائية، وكل التجمعات السياسية القومية والليبرالية لم تنظم نفسها في جبهة لمواجهة تيارات الإسلام السياسي ونواب القبائل، الذين يرفضون منح المرأة كامل حقوقها. الآن يوجد أربع نائبات "نواب" في المجلس، وهن حاصلات على شهادات عليا وباستطاعتهن تشكيل جماعات ضغط داخل مجلس الأمة وخارجه للمطالبة بكل حقوق المرأة، بما فيها العمل في السلك القضائي. نواب مجلس الأمة من النساء يستطعن التحالف مع القوى الديمقراطية في مجلس الأمة ونواب الشيعة، الذين يدعمون حقوق المرأة بتشكيل جبهة ضغط على الحكومة. والإصرار على منحهن حقهن أو اتخاذ مواقف ضد الحكومة في المجلس بعد تمرير القوانين التي تريدها الحكومة... يعود سبب تأخر المطالبات النيابية النسائية إلى حداثة دخولهن المجلس، حيث لم تمض ثلاثة أشهر على بدء عملهن. ودخلت الحكومة والمجلس في صراعات كثيرة، لم تتح للمرأة فرض رؤيتها ومشاريعها على المجلس والحكومة. تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2005 والخاص بالمرأة، يعطي أهمية خاصة للثقافة العربية القبلية، التي تكرس التميز ضد النساء بظلالها على التفسيرات الفقهية التي تكرس دونية المرأة بالنسبة للرجل وينبئ استقرار موقف المشرعين العرب الرجال بعدائهم لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة على الرغم من نصوص الدستور والمواثيق الدولية، التي التزمت بها دولهم وكثيراً ما يقابل تطبيق مبدأ المساواة بواسطة رجال القضاء العرب تحفظاً يغذيه في الوقت الحاضر نمو التيارات الدينية السلفية، وما تمارسه من تأثيرات ثقافية على وعي القضاء وتستشف النظرة الذكورية لرجال القضاء في بعض الدول العربية في مقاومة تعيين المرأة في القضاء. لا خيار أمام المرأة في الخليج والكويت إلا العمل كحركة سياسية فعّالة تقف في وجه المتاجرين بالدين والعادات والتقاليد لوأد المرأة وطمس حقوقها الإنسانية.