من حقنا أن نحتفل باليوم الوطني للإمارات، وكم يفرح الإنسان عندما يسمع ثناء عن وطنه من غير أهل البلد. وكم هي فرحتنا غامرة نحن أبناء الإمارات لما تحقق على أرض الوطن. ومع هذه الفرحة التي أدعو الله أن لا تفارقنا، لا بد لنا، وبعد كل مناسبة من وقفات صادقة مع بعض التحديات التي تواجهنا في الإمارات كي نبحث معاً عن حلول لها. الجهات المختصة في الدولة، تبذل الكثير من الجهد للتعامل مع هذه التحديات، ولكن إثارتها في مثل هذه المنابر تعد فرصة للمفكرين وعامة الناس من التفاعل مع مثل هذه المواضيع. فنحن في مجتمع الإمارات تعودنا على الصراحة، وهذا هو أحد أهم أسرار نهضتنا التي نعيشها. في دول أخرى تعود الناس على المجاملات ودفن الرؤوس في التراب كما يُقال، فكلهم يثني على الجميع، ويجامل الفرد الآخر حتى تقع الطامة، وبعدها يتم البحث عن حلول، أو كبش فداء كما يقال. أما في الإمارات، فكل القضايا، هي محل بحث ونقاش في المنتديات الخاصة والعامة، لأننا نبحث عن الأفضل لهذا الوطن، وهذا ما عودتنا عليه قيادتنا الرشيدة، التي هي أحد أهم مقومات ما تحقق في وطني. لعل هوية الوطن ما زالت التحدي الأهم للإمارات في ظل التركيبة السكانية التي يعرفها الداني والقاصي. فالدول التي يمثل مواطنوها الأغلبية المطلقة في أوطانهم كفرنسا وألمانيا، تناقش قضية الهوية الوطنية في ظل العولمة. ونحن في الإمارات لدينا تحديات تخص الهوية، وهي تحديات مركبة تتمثل في تركيبتنا الديموغرافية والانفتاح نحو العولمة، وعليه نحن فعلًا بحاجة إلى نقاش فكري عميق للتعامل مع هذه القضية، وأتمنى من مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أن يتصدى بكل شفافية لهذه القضية. كلنا يقدر ما تقوم به اللجان الحكومية المختصة في هذا الأمر، كما أن الوضع بحاجة إلى تكاتف الجهات الرسمية مع النخبة المفكرة للبحث عن حلول إبداعية، لأن قضيتنا لن تحل بالطرق التقليدية. القضية الثانية هي توظيف المواطنين، لا أقول هنا بتوطين الوظائف لأن هذا الموضوع يثير جدلاً لا أعرف مصدره، وحساسية لست مدركاً لأبعادها، وكأننا نطالب بأمر مستحيل، حجج كثيرة تم استخدامها للتصدي لقضية توطين الوظائف فكان من أخطرها تدني المستوى الأكاديمي للخريج المواطن، وهذا أمر مضحك، لأن جامعاتنا الوطنية وكلياتنا حصلت على اعتماد أكاديمي من أرقى مؤسسات الاعتماد في العالم. مئات المواطنين يبحثون اليوم عن فرص للعمل، وبالذات في بعض الإمارات التي لا توجد فيها فرص كثيرة للمواطن، فأين يعمل هذا الخريج إنْ فاته ميدان العمل في وطنه؟ لو تجاوزنا عقدة الكفاءة، فإن سبب هذه القضية يتمحور في قرار خفي اتخذه بعض أرباب العمل لتهميش دور المواطن، وإعلاء ما يقوم به أبناء جلدتهم في غير وطنهم. والحل يكمن في قرار مشابه ينتصر فيه الوطن لجيل المستقبل الذي تم تأهيله بأفضل صورة، وهو بحاجة إلى من يعطيه الفرصة، وإلا فإن مئة عاطل عن العمل اليوم سيتحولون إلى ألف مع مرور الزمن، وعندها فإن البطالة وما يصاحبها من هموم ستمثل تحدياً نحن في غنى عنه.