يبدو لي أن مارك مايور، وهو يوجه النقد في مقاله المنشور هنا يوم السبت الماضي، إلى الرئيس الأفغاني كرزاي، إنما أولا أراد أن يبرئ السياسة الأميركية في أفغانستان ويحمل كل أخطائها لكرزاي، لكنه أظهر قدراً غير يسير من قلة المعرفة بالواقع الأفغاني. فهذا الواقع أكثر تعقيداً مما يظن بعض الكتاب الغربيين حين يتحدثون عن "فساد الحكومة الأفغانية"، أو حين يتطرقون إلى أدوار "لوردات الحرب" وعلاقتها بالفساد! إنهم في كل ذلك يتناسون أوضاع مجتمع فقير يخلق من داخله آليات تلقائية للتعامل مع حالة الفقر ولتوفير حد الكفاف لغالبية أفراده. كما يتناسون أن أفغانستان تعرضت لاحتلالات أجنبية متتابعة، وأن تلك الظروف التاريخية هي التي أوجدت "لوردات الحرب"، وأنهم على كل حال جزء من نسيج اجتماعي لا يمكن تجاهلُ أي من مكوناته أو تخطيها كما لو أنها ليست موجودة أصلا! وهذه الأخطاء المتكررة في كثير من الكتابات الغربية حول كرزاي، هي ما كرره "مايور" في مقاله المذكور آنفاً! محمود عماد -دبي