قطعت الخدمات الصحية في الدولة شوطاً كبيراً من الإنجازات، وأصبح مستوى الرعاية الصحية المقدّمة إلى أفراد المجتمع يضاهي ما يقدّم في الدول المتقدمة، وهذا يعكس في جوهره فلسفة الدولة، وقيادتها الرشيدة نحو الاهتمام بالإنسان، وتوفير الضمان الصحيّ له، على أساس أن توفير رعاية صحية متقدّمة هو الطريق نحو إيجاد مجتمع صحي معافى، يسهم أفراده في تعزيز العملية التنموية، ودفع العجلة الإنتاجية على الصّعد كافة، وفي مختلف المجالات. الطفرة المحقّقة في الخدمات الصحيّة التي تشهدها الدولة تظهر في العديد من المؤشرات المهمّة، فعلى المستوى الكمّي، فقد تزايدت أعداد المستشفيات العامة والخاصة في مدن الدولة المختلفة خلال السنوات الماضية، فوفقاً للإحصاءات الرسمية، فقد تزايدت أعداد المستشفيات لتصل إلى 40 مستشفى وأكثر من 115 مركزاً للرعاية الصحيّة الأوليّة من بينها 14 مستشفى تابعاً لوزارة الصحة، و67 مركزاً، بالإضافة إلى 11 مركزاً رئيسياً للصحة المدرسيّة، و10 مراكز لرعاية الأمومة والطفولة، و110 وحدات متخصصة للأمومة والطفولة داخل مراكز الرعاية الأوليّة والمستشفيات، فضلاً عن العشرات من المستشفيات الكبيرة، والآلاف من العيادات الطبية الخاصّة، وذلك مقارنة مع 7 مستشفيات و12 مركزاً صحياً عند قيام الاتحاد عام 1971. وبلغت الاعتمادات المخصّصة للخدمات الصحية عام 2009 أكثر من مليارين و644 مليون درهم، فضلاً عن الميزانيات الكبيرة التي رصدتها الحكومات المحلية والهيئات المستقبلة الأخرى والقطاع الخاص. أما على المستوى النوعيّ، فقد أولت الدولة اهتماماً كبيراً للخدمات العلاجيّة، والعمل على تطويرها من خلال وضع استراتيجيات وضوابط ومواصفات دقيقة للمنشآت الصحيّة، وتزويدها بأحدث المعدات والأجهزة ذات التقنية العالية لتواكب تطوّرات العصر ومنجزاته العلمية من جهة، وتوفير خدمات صحيّة شاملة تعالج المشكلات الصحية بين أفراد المجتمع بدقّة وكفاءة من جهة ثانية، وهذا يمكن تلمّسه بوضوح في تطور مستوى خدمات الرعاية الصحية الأولية، حيث انتشرت اليوم في جميع مستشفيات الدولة المراكز التخصّصية والوحدات التشخيصية العلاجية، مثل وحدة جراحة القلب المفتوح وزراعة الأعضاء، ووحدة الاستسقاء الدمويّ لمرضى الفشل الكلوي، ووحدة الطب النووي والمناظير الجراحية، ووحدات علاج السكري، والأقسام التخصصية الأخرى. وأولت الدولة كذلك اهتماماً كبيراً للطبّ الوقائي، وشملت مظلة الخدمات المدرجة في هذا الجانب، برنامج مراقبة الأمراض السارية مثل الأمراض المستهدفة بالتحصين ومكافحتها، وذلك عن طريق التطعيم والتطهير الكيميائي، ومراقبة المخالطين، والكشف الباكر عن الأمراض والتوعية والتثقيف الصحيّ بالتعاون مع جميع الأجهزة المعنية في الدولة. كما امتدت جهود وزارة الصحة لتشمل تطوير السياسة الدوائيّة، حيث وضعت الضوابط والتشريعات التي تحكم عملية تصنيع الأدوية واستيرادها وصلاحيتها وآثارها الجانبية. واتجهت الدولة كذلك إلى تعميم الضمان الصحيّ ليشمل أفراد المجتمع كافّة، مواطنين ومقيمين على حدّ سواء. التطور النوعي في مستوى الرعاية الصحية في الدولة يبرز أيضاً في تحول العديد من مستشفيات الدولة إلى عامل جذب لكثير من المرضى في مختلف الدول؛ كما أصبح القطاع الصحي مهيأً أكثر من قبل لتنشيط السياحة العلاجية، في ظل التخصّصات الطبية الدقيقة والنادرة التي استحدثت في غالبية المستشفيات، ولا سيّما بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها في علاج العديد من الحالات المرَضية الصعبة داخل البلاد. ــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.