يصادف الثاني من ديسمبر من كل عام العيد الوطني للإمارات، وهي مناسبة عزيزة يفرح بها المواطنون والمقيمون على أرض هذه البلاد ابتهاجاً بالإنجازات المشهودة التي حققتها وتعبيراً عن ما يجوش في النفوس من إعزاز وتقدير ومودة لهذه الأرض المعطاء وشعبها الطموح. التجربة التنموية الإماراتية مشهود لها منذ أن دشنت بالنجاح الباهر، وبكونها فريدة من نوعها في دول العالم النامي، وهي مثار إعجاب وتقدير. هذه التجربة الفريدة من نوعها مستمرة في تحقيق النجاح تلو الآخر، ونحن كمواطنين حريصين على الاتحاد ورقيه ورفع هامته في أعالي منابر المجد، ونعمل جاهدين تحت ظل قيادتنا الرشيدة كلٌ في موقعه على أن ترتقي التجربة الاتحادية وتسمو وترتفع إلى أعالي المجد وتبقى ما بقيت البشرية تدب على سطح الكوكب. ولكي نستطيع تحقيق ذلك علينا أن ننظر، إلى جانب ما تحقق من إيجابيات، إلى ما قد يكون معيقاً للمسيرة، خاصة القضايا التي يعتقد البعض أنها لم تنل الاهتمام الكافي حتى الآن. والإمارات أمامها في هذه المرحلة أربع قضايا جديرة بالاهتمام، فأولاً، لابد من السيطرة على التركيبة السكانية والتصدي لتحدياتها، فعدم معالجة هذه المشكلة المزمنة قد يكون له ماله من تداعيات. ثانياً، حماية البيئة بمفاهيمها العامة والشاملة. وثالثاً، معالجة المنظومة الأمنية من كافة زواياها الاستراتيجية بأبعادها الداخلية والخارجية في مواجهة جميع الأخطار أياً كان مصدرها. ورابعاً، الاستعداد المخطط له لكافة التقلبات العالمية، خاصة على الصعيد الاقتصادي. والمشكلة الأخيرة وافدة وجديدة علينا بالشكل الذي هي عليه الآن، فنحن في تاريخنا الطويل تعرضنا لتداعيات المشاكل الاقتصادية العالمية الناتجة عن الحروب والكساد، لكننا لم نكن في تلك الأوقات فاعلين أساسيين في الاقتصاد العالمي كما نحن عليه الآن ونؤثر فيه ونتأثر به بنفس الطريقة الحالية. وألى ذلك فإنه من المهم أيضا تحديد مرجعية ذات إطار شامل تقر بعدم إمكانية فصل أي من تلك القضايا عن بعضها بعضا، وذلك في إطار السعي نحو التنمية الشاملة المستدامة التي تسعى إليها البلاد ويتوجب عليها أن تحققها. ولو أتينا بالقضايا الأربع السابقة ووضعناها جنباً إلى جنب، فسنلاحظ أنها يمكن أن تنصهر في بوتقة واحدة تتعلق بالأمن الشامل لمواطن الإمارات، فأي سعي نحو التنمية المستدامة الشاملة التي يتوجب على الإمارات أن تقوم بها لتأمين مستقبلها، يجب أن يخطط له وينفذ في إطار محتوى يهدف إلى تحقيق الأمن الشامل للمواطن. إن منهج الأمن الشامل الذي أدعو إليه يتكون من شقين هما الأمن الإجتماعي بمفاهيمه العصرية حيث تدخل في ذلك الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية والمجتمعية، والأمن البيئي بمفاهيمه العصرية الأعم. وهذان الشقان متلازمان ويصعب تحقيق أي منهما دون الآخر، بمعنى أنه يجب تحقيقهما معاً. هنيئاً للإمارات بعيدها الوطني، ووفق الله قيادتها وشعبها في كل ما يصبون إليه، وندعو الباري عز وجل أن يلهم الجميع بكل ما هو صائب وأن يضيء لهم الدروب نحو ما فيه تقوية البلاد وفائدة العباد. ودعونا نتمسك بالأمل ونضعه شعاراً وطريقاً ونتيجة نسعى إليها مجتمعين متحابين متعاونين، ولتكن ذكرى العيد الوطني في كل عام إضاءة للطريق أمامنا لكي تكون مساعينا على كلمة سواء فيها خير الإمارات وشعبها، بهويته الاتحادية الضاربة بجذورها في هذه الأرض الخيرة.