أولت مرحلة التمكين التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله منذ تسلّمه رئاسة الدولة اهتماماً للمشروعات الثقافيّة العملاقة، ليس باعتبارها وسيلة للتعبير عن قيم الدولة وحضارتها، وإنما أيضاً لأنها أصبحت لا تنفصل عن أهداف التنمية في الداخل، وإقامة علاقات خارجيّة مع مختلف دول العالم. الدور التنموي المهمّ الذي تقوم به الثقافة يظهر بوضوح في العديد من المشروعات الثقافيّة الرائدة، كـ"جزيرة السعديّات"، فبالإضافة إلى كونها تشكل معلماً ثقافياً بارزاً بالنظر إلى ما تضمّه من المتاحف العالميّة الكبرى، كمشروع "متحف لوفر أبوظبي" الذي من المقرّر أن يُفتَتح عام 2012، فإنها تعدّ أيضاً مقصداً سياحياً فريداً، بالنظر إلى ما تمتلكه من عناصر ومقوّمات بيئية فريدة تجعلها مقصداً سياحياً عالمياً. الأمر الآخر المهمّ هو أن الانفتاح على الثقافات الأخرى يأتي في إطار تطوير العلاقات الخارجية للدولة مع مختلف دول العالم وتعزيزها، وهو ما أكّده بوضوح الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لدى افتتاح سموّه معرض "الجوجنهايم: مسيرة متحف"، بقوله "إن دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، تحرص على الانفتاح على الثقافات والفنون العالميّة في إطار سعيها إلى دعم علاقات التعاون البنّاء مع مختلف دول العالم". وشهدت الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية نهضة ثقافيّة غير مسبوقة، تخطت حدودها المحليّة والإقليميّة إلى العالميّة، ويتضح هذا من حجم المشروعات الثقافية الهائلة التي أطلِقت، فـ"جائزة الشيخ زايد للكتاب" تستمد أهميّتها ليس من كونها الأكبر على مستوى العالم، إذ تبلغ قيمتها سبعة ملايين درهم، لكن أيضاً، وهذا هو الأهمّ، لأنها تشكل نقطة جذب نوعيّة هائلة للثقافة والمثقفين، وأيضاً قوة دفع فائقة للحركة الثقافية في مختلف أرجاء العالم العربي، كون الغايات النبيلة لهذه الجائزة لا تقتصر على تشجيع المبدعين والمفكّرين في مجالات المعرفة والثقافة والفنون، لكنها تسهم بقوّة في تشجيع حركة الثقافة والإبداع. كما انفردت الإمارات باحتضان "جائزة البوكر العربيّة للرواية"، التي لاقت استحساناً عربياً. وفي هذا السياق أيضاً يبرز "معرض أبوظبي الدّولي للكتاب"، الذي شهد تطوراً كبيراً خلال الفترة الماضية جعله من معارض الكتب الرّائدة في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى مشروع "كلمة" للتّرجمة، الذي يهدف إلى ترجمة نحو 100 كتاب سنوياً إلى العربيّة في مختلف حقول المعرفة في الشرق والغرب. وإضافة إلى ما سبق، فقد انطلق "مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي" في أبوظبي بوصفه أول تظاهرة سينمائية عالمية في المنطقة، حيث يستقطب الأعمال السينمائيّة المميّزة، العربيّة والأجنبيّة، ويمثل مناسبة للتفاعل بين صنّاع السينما، وتبادل الخبرات على طريق دعم السينما في المنطقة العربيّة والخليج، فضلاً عن "مهرجان دبي السينمائي" الذي أصبح له صدى عالميّ إيجابيّ واسع. هذه المشروعات الثقافية الضخمة، وإن كانت تعكس بوضوح التفاعل مع ثقافات العالم من بوابة التسامح والتعايش التي تمثل معلماً بارزاً في الذهنيّة الوطنيّة، فإنها أيضاً تخدم خطط التنمية الشاملة في الدولة، وتعدّ أداة مهمّة في الانفتاح على دول العالم، وتعزيز علاقات التعاون معها. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.