من يتابع المؤشّرات الدولية الصادرة عن المؤسسات المتخصّصة في التصنيف وبناء المؤشرات التي تقيس مستوى الأداء الاقتصادي للدول على مستوى العالم، يلاحظ أن دولة الإمارات تحتلّ بشكل شبه مستمر المرتبة الأولى بين الدول العربية ودول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معظم المؤشرات التي تهتمّ بالمنطقة. وقد استمرّ الأداء الإيجابي لاقتصاد الإمارات في عام 2009، بل ازداد إيجابيّة مقارنة بالعديد من دول المنطقة، ولعل هذا الأداء الإيجابيّ المتميز هو ما وضعه في هذه المراتب المتقدّمة. وفي هذا السياق فقد احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى بين الدول العربيّة، وفق "مؤشر ليجاتوم للازدهار" لعام 2009، الصادر مؤخّراً عن "معهد ليجاتوم"، الذي يعمل كمؤسسة مستقلة للبحث والاستشارة. ويقوم "مؤشر ليجاتوم للازدهار" على تصنيف دول العالم وفقاً لمستوى الثروة التي تمتلكها كلٌّ منها، ومستوى الرفاهية التي تكفلها كلّ دولة لسكانها، من خلال قياس مستويات النمو الاقتصادي ونوعية الحياة والرفاهية والأمن والأمان والصحة، من خلال عدد من المؤشّرات الفرعية التي يهتمّ كل منها بواحدة من هذه القضايا. وقد احتلّت الإمارات، وفق "مؤشر ليجاتوم للازدهار" أيضاً المرتبة الـ 47 عالمياً، لتكون الدولة العربية الوحيدة بين أفضل 50 دولة على مستوى العالم. وقد تميّز أداء الإمارات على مستوى بعض المؤشرات التفصيليّة، أهمها مؤشر الأمن الذي وضعها في المرتبة الـ 18 عالمياً، وكذلك مؤشر الصّحة الذي وضعها في المرتبة الـ 29 عالمياً. وبوجه عام، فإن الأداء المميز لدولة الإمارات وفق "مؤشر ليجاتوم للازدهار" يعدّ دليلاً على أن الدولة انتقلت من مراحل اقتصاد الكفاف، التي ما زالت تعيش فيها العديد من الاقتصادات حول العالم، إلى مراحل أكثر تقدّماً، وهي المراحل التي يصبح فيها الاقتصاد قادراً على توفير متطلبات الحياة الكريمة للسكان، الذين أصبحوا يعيشون حياة ذات نوعية أفضل مقارنة بالعديد من دول العالم المتقدّم، وباتوا قادرين على الحصول على خدمات مرتفعة الجودة والكفاءة عبر وسائل أكثر سهولة وبتكاليف تتناسب مع دخولهم، ولكل منهم الحقّ في الحصول على هذه الخدمات من دون تمييز، سواء كان من المواطنين، أو من الوافدين من خارج الدولة. ويعدّ هذا الأداء المتميز للاقتصاد الإماراتي نتيجة مباشرة للاهتمام الذي توليه قيادتنا الرشيدة إلى الجوانب الاجتماعية ونوعية الحياة في عملية التنمية، وليس أدل على ذلك من أن تخصّص الدولة نحو 41 في المئة من ميزانيتها الاتحاديّة لعام 2010 للجوانب الاجتماعية، بما تشمله من تعليم وصحة وعمل وشؤون اجتماعية وثقافة وتنمية مجتمعية وإسكان وبرامج لرعاية الشباب، ما يعدّ مؤشراً إلى اهتمام الدولة بتوفير حياة كريمة لسكانها، وإيمانها بأن العنصر البشريّ هو محور التنمية الشاملة والمستدامة. وبالطبع يعدّ المستوى الذي وصلت إليه دولة الإمارات، وفق المؤشر المذكور، نتاج عمل تنموي طويل بدأته الدولة منذ انطلاق مرحلة التأسيس، حيث حرصت على إرساء قواعد اقتصاد متين وتنمية شاملة ومستدامة، وصاغت فيه أطرها التنظيميّة والتشريعيّة بما يوازن بين الحقوق والواجبات على مستوى الأفراد والمؤسسات، ويحقّق العدالة والتوازن بين مختلف فئات المجتمع، وراعت فيه الدولة مواكبة المعايير الدوليّة فيما يتعلق بنوعية الحياة والتنمية البشرية بشكل عام.