كان تسلم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وثائق اعتماد أول سفير مقيم لإيرلندا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم 12 أكتوبر الماضي، لحظة مهمة في العلاقات بين إيرلندا ودولة الإمارات. وفي الوقت نفسه تم الإعلان عن افتتاح سفارة دولة الإمارات في إيرلندا، مما يشير إلى فصل جديد من الصداقة والتعاون بين بلدينا. هذه الروابط ليست جديدة؛ إذ أقامت إيرلندا علاقات دبلوماسية مع دولة الإمارات في عام 1974. ثم أنشأت "انتربرايز آيرلاند" (مجلس التجارة الإيرلندي) مقرها الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في دولة الإمارات عام 2002. ومنذ ذلك الحين، نشطت حركة الأشخاص، مواطنين ومسؤولين، إلى دولة الإمارات. وفي عام 2007 قام رئيس الوزراء الايرلندي بزيارة للدولة، ثم زارتها نائبته في عام 2008. كما قامت رئيسة إيرلندا، ماري ماكاليس، في وقت سابق من هذا العام بزيارة لدولة الإمارات وبرفقتها وزير الخارجية الإيرلندي. وفي المقابل، رحبنا بالعديد من الزوار الإماراتيين في إيرلندا. ففي مايو من هذا العام، قام وزير الخارجية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بزيارة إيرلندا سعياً لدعمنا ترشيح دولة الإمارات لاستضافة الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إيرينا". وقد أيدت إيرلندا ذلك المسعى الناجح ورحبت به. الروابط الاقتصادية والمالية بين إيرلندا والإمارات هي أيضاً قوية. وحالياً يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين ما يقارب 4 مليارات درهم إماراتي. وبناء على هذا الأساس القوي، سأترأس هذا الأسبوع بعثة تجارية لـ"انتبرايز آيرلاند" مكونة من 44 شركة إيرلندية إلى دولة الإمارات. وقد قامت كثير من هذه الشركات بإنشاء مكاتب لها في الإمارات، ومعظمها يركّز بشكل واسع على دول الخليج. وهذه الشركات تجذبها الفرص التي يوفرها الاقتصاد الإماراتي القوي والابتكاري والديناميكي، وقد قدمت إلى هنا بروح المشاركة، ولتبادل المهارات والخبرات والتجارب عبر مجموعة من القطاعات. وفي أسواق أخرى، مثل الولايات المتحدة، فإن أيرلندا شريك قوي. ولعقود كانت استثمارات الولايات المتحدة في إيرلندا مهمة جداً لاسيما كمصدر للتوظيف، لكن في السنوات الأخيرة استثمرت الشركات الإيرلندية على نحو متزايد في الولايات المتحدة. وإيرلندا اليوم هي عاشر أكبر مستثمر في الولايات المتحدة بوجود 200 شركة إيرلندية عاملة هناك، توظف نحو 80 ألف شخص. وعلاقة من هذا النوع هي ما تسعى إيرلندا إليها مع دولة الإمارات، ونأمل أن تكون هذه الزيارة نقطة انطلاق أخرى على طريق الشراكة الكاملة. القطاعات التي تركز عليها هذه البعثة التجارية، تتضمن منتجات التنظيف، والبناء، والخدمات الصحية، والاتصالات، والحلول المالية والحكومة الإلكترونية، والتعليم، والتدريب. إيرلندا والإمارات لديهما الكثير من القواسم المشتركة، فهما تتمتعان بثروات طبيعية وافرة: في إيرلندا لدينا الأراضي الزراعية المنتجة، والإمارات لديها احتياطيات كبيرة من النفط. وبالمثل، فإن كلا البلدين يدركان إن الموارد الطبيعية غير كافية لتحقيق النمو والتنمية على المدى الطويل، فاستثمرا بكثافة في التعليم والتدريب، وقاما بدعم الابتكار والبحث والتطوير. وإذا أردنا مواجهة تحديات السوق العالمية، فمن المهم جداً أن نبقى في طليعة التنمية التكنولوجية من خلال دعم وتسويق البحوث. وقد أبلت إيرلندا بلاءً حسناً في هذا الصدد، وزادت من الاستثمار في التنمية بمعدل يتجاوز 10 في المئة خلال العقد الماضي، مقارنة بحوالي 3 في المئة في الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون والتنمية. والنتيجة أن أيرلندا تحتل المرتبة الثامنة في نظام التعليم في العالم، والمرتبة الثانية في الإنتاجية الصناعية، و المرتبة السادسة في إنتاجية العمل. تواجه إيرلندا والإمارات أيضاً تحديات مشتركة جراء تباطؤ الأسواق الاقتصادية والمالية العالمية. ومثل حكومة دولة الإمارات، فإن الحكومة الأيرلندية قد تصرفت بسرعة لحماية الاقتصاد الوطني والنظام المالي. فأولا: انتقلنا إلى خفض الإنفاق العام، مع الحفاظ على الاستثمار في البنى التحتية الإنتاجية. وثانيا: اتخذنا إجراءات واسعة لاستعادة الثقة في القطاع المصرفي. وثالثا: وضعنا جدول أعمال للمرحلة المقبلة لتنمية إيرلندا. في كل هذا، نحن نلعب على نقاط القوة لدينا، والبناء على الإنجازات السابقة. هذه الإجراءات السريعة والحاسمة كانت كفيلة بالحفاظ على الثقة في الاقتصاد الإيرلندي، وتضمن لإيرلندا وضعاً مواتياً للاستفادة من الانتعاش الاقتصادي العالمي. وإيرلندا لديها أكبر عدد من الخريجين في الفئة العمرية 25-34 مقارنة بأي بلد أوروبي آخر. إيرلندا أيضاً عضو مؤسس في منطقة اليورو، وتتيح الوصول إلى سوق تضم أكثر من 500 مليون نسمة. وهي موالية للمشاريع، والاقتصاد الموجه نحو التصدير، ولها سجل قوي لجذب الاستثمارات في صناعات التكنولوجيا الفائقة، وذات القيمة العالية، وبسجل حافل في مجال تطوير هذه الصناعات. إن افتتاح سفارتي البلدين وزيارات من هذا القبيل، توفر فرصة جديدة لإيرلندا في الإمارات لبناء شراكة جديدة، واحدة تقوم على التعاون على جميع المستويات، في القطاعين العام والخاص، وعبر مجموعة من المجالات، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والبناء وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وآمل أن تتمكن هذه الزيارة من رفع مستوى الوعي لدى كلا الجانبين لكل هذه الفرص ووضع جدول أعمال لتعاون متزايد في المستقبل.