مرحلة "التحدي الحقيقي" أمام ساركوزي... والمهمة الكينية على أجندة "أوكامبو"! ذكرى مرور عشرين عاماً على سقوط جدار برلين، وعملية إطلاق النار العشوائي في قاعدة "فورت هود" الأميركية، وفتح المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً في جرائم مفترضة ارتكبت في كينيا بعد انتخابات 2007... موضوعات من بين أخرى نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة موجزة في الصحافة الدولية. ذكرى سقوط الجدار: صحيفة "لوسوار " البلجيكية أفردت افتتاحية للتعليق على مرور الذكرى العشرين لسقوط جدار برلين، الذي لم يكن يقسم المدينة فقط، وإنما العالم أيضاً إلى كتلتين متنافستين شرقية وغربية. وبهذه المناسبة تقول الصحيفة إنه بعد عشرين عاما على سقوط الجدار واستعادة شعوب أوروبا لهويتها وأراضيها المشتركة، وعلى رغم ما بُذل من جهود على صعيد بناء أوروبا موحدة وقوية، إلا أنه ما زالت هناك آمال واسعة لم تتحقق بعد وشكاوى وشعور بعدم الرضا عن نتائج مشروع أوروبي يتقدم ببطء كالسلحفاة. وإذ أقرت الصحيفة بوجود أسباب للانتقاد، شددت في الوقت نفسه على أن ثمة لحظات يجب التوقف عندها لتأمل ما تحقق، معتبرة أن التشاؤم الذي قد ينتاب البعض بشأن غياب مشروع أوروبي معبأ أمر يمكن تفهمه، ولكنه ينبغي ألا يحجب عن الأوروبيين أهم إنجاز: استتباب السلام في القارة. وعلاوة على ذلك، تضيف الصحيفة، فإن 27 بلداً اليوم تعزز دعائم السلام وتوسعه عبر نسج علاقات إنسانية واقتصادية وسياسية قوية فيما بينها، وهذا في حد ذاته إنجاز مهم وغير مسبوق. واختتمت الافتتاحية بالقول إن التحدي الداخلي لأوروبا اليوم لا يتمثل في ابتكار طموح جديد، وإنما في تصور أفضل لقوة المشروع الأوروبي المؤسس وإدامتها، فهي التي نقلت الأوروبيين من الحرب العالمية الثانية إلى هدم جدار برلين، وما زالت تدفع بهم في اتجاه قارة أكثر وحدة ورخاءً من أي وقت مضى. هجوم "فورت هود": صحيفة "تورونتو ستار" الكندية علقت ضمن افتتاحية لها على عملية إطلاق النار التي كانت قاعدة "فورت هود" العسكرية في ولاية تكساس الأميركية مسرحاً لها الأسبوع الماضي، والتي يتهم بارتكابها الرائد في الجيش الأميركي نضال مالك حسن. الصحيفة اعتبرت في مستهل افتتاحيتها أنه مهما تكن المضايقات أو التحرشات التي قد يكون حسن تعرض لها، إلا أنها لا تبرر قيامه بإطلاق النار على زملائه العسكريين في قاعدة "فورت هود" في حادثة أسفرت عن مقتل 13 شخصاً وجرح 29 آخرين؛ وشاطرت الرئيس أوباما وصفه العملية بالمحزنة والشنيعة، ولكنها تساءلت بشأن ما إن كان بالإمكان تجنبها، لاسيما في ضوء ما تكشف لاحقاً من معلومات بشأن رغبة حسن في إنهاء خدمته العسكرية، وشكاوى بعض زملائه في الدراسة منه بسبب مواقفه و"خطاباته النارية المناوئة لأميركا". الصحيفة قالت إن على الأميركيين، في هذه الأوقات الحزينة وهم يحاولون فهم دوافع هذه المأساة وحيثياتها، أن يتذكروا ما قاله أوباما من أن "كل الأميركيين من كل الأعراق والأديان والمكانات الاجتماعية يخدمون في الجيش بشرف وتميز"، ومن ذلك المسلمون الـ3500 في جيش يبلغ قوامه 1.4 مليون جندي، مشددة على أن "غضب رجل واحد يجب ألا يلطخ صورة آلاف آخرين". ولكنها اعتبرت في الوقت نفسه أن على الأميركيين أن يعرفوا أيضاً ما إن كان الجيش قد تجاهل إشارات واضحة "على أن حسن قد تحول إلى قنبلة موقوتة وضيع فرصة تسريحه من الخدمة قبل أن يبدأ إطلاق النار". "تحديات أمام ساركوزي": تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "ذا آيريش تايمز" الإيرلندية افتتاحية عددها ليوم الأربعاء وخصصته -كما يوحي بذلك العنوان- لاستعراض التحديات الكثيرة التي ما زالت تواجه الرئيس الفرنسي. أما مناسبة هذا الحديث، فهي دخول ساكن قصر الإيليزيه النصف الثاني من ولايته الرئاسية، وهي مناسبة تستحق، حسب الصحيفة، وقفة لتقييم الإنجازات والتفكير في الخطوات المقبلة. وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إن معدل شعبية ساركوزي تراجع -حسب مجلة باري ماتش- إلى 39 في المئة، وهو أدنى معدل منذ أن وصل إلى السلطة، حيث تضرر مما اتهمه به بعض خصومه من محاباة ومحسوبية بخصوص ابنه، ومن زعمه بأنه كان حاضراً حين سقوط جدار برلين. ولكن الصحيفة لم تغفل نقاط قوة ساركوزي وإنجازاته، ومن ذلك براعته في التواصل وإلقاء الخطب، ونجاحه في إعادة نسج علاقات متينة مع واشنطن، وإعادة فرنسا إلى قيادة "الناتو". كما أضعف تشريعاً يحدد ساعات العمل الأسبوعية في 35 ساعة، وأدخل إصلاحات على التعليم العالي، وخفض عدد موظفي القطاع العام. وعلاوة على ذلك، فإن مخطط تنشيط الاقتصاد الذي تبناه، إضافة إلى حزمات الإنقاذ المالي للبنوك وشركات صناعة السيارات، ضمنت تخفيف تأثيرات الأزمة المالية العالمية في فرنسا مقارنة مع بقية أوروبا. غير أن فترة ما بعد الأزمة المالية، تتابع الصحيفة، تطرح "تحدياً حقيقياً" على ساركوزي خلال النصف الثاني من ولايته الرئاسية، متسائلة: هل يستطيع ساركوزي الذي رفع شعار الإصلاح الاقتصادي، بكيفية ضمنت انتخابه، مواصلة الإصلاح ومعالجة عجز في الميزانية يناهز 8 في المئة؟ المحكمة الجنائية الدولية والمهمة الكينية: صحيفة "ذا هيندو" الهندية سلطت الضوء ضمن افتتاحية عددها ليوم الأربعاء على قرار المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في أعمال العنف التي اندلعت في كينيا بعيد انتخابات 2007، وهي المرة الأولى التي يفتح فيها التحقيق في قضية لا تتعلق بنزاعات بين مجموعات متمردة وحكومات وطنية في محكمة دولية. يذكر أن الأحداث المذكورة قُتل فيها نحو 1100 شخص واضطر آلاف آخرون إلى النزوح إلى مناطق أخرى داخل البلاد في صدامات إثنية دموية اندلعت في أعقاب انتخابات متنازع بشأنها. وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن المدعي العام في المحكمة أوكامبو قوله إن ثمة أساساً معقولا للاعتقاد بأن ما جرى يرقى إلى درجة جرائم ضد الإنسانية، وهي جرائم تقع ضمن دائرة اختصاص المحكمة وفق اتفاقية روما، مضيفة أن قرار التحقيق في هذه الحوادث يأتي بعد فشل الائتلاف الحكومي في كينيا في احترام آجال منصوص عليها دولياً حول إنشاء محكمة يعهد إليها بالتحقيق في الفظاعات المرتكَبة، ما يعكس العقبات والعراقيل التي تواجهها السلطات لجلب مرتكبي تلك الفظاعات إلى العدالة؛ غير أن التفويض المخول للمحكمة الجنائية الدولية يشمل إنهاء حالات إفلات من العقاب في جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية حين تُستنفد الآليات الوطنية وتُثبت عجزها وعدم فعاليتها في تحقيق العدالة. إعداد: محمد وقيف