في الأسبوع الماضي صدر تقرير "فورن بولسي" حول الدول الأكثر استقراراً في العالم لتحتل الإمارات المرتبة 140 عالميًا من أصل 177 دولة في هذا التقرير، حيث جاءت النرويج في المرتبة الأولى، وفي هذا التقرير كلما زاد الترتيب كان الوضع أكثر استقراراً، بلا شك أن الدولة وبالرغم من موقعها الجغرافي السياسي، إلا أنها ولله الحمد والمنة، نهجت مسلكاً حضارياً في تعاملها مع التحديات الداخلية والخارجية مما جعلها تعيش مرحلة من الاستقرار والأمن اللذين تحتاجهما أية دولة تريد أن تحقق التنمية المستدامة، فمن أبرز قضاينا في العلاقات الخارجة تأتي قضية الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران، ورغم هذه القضية إلا أن الذكاء السياسي لقادة الدولة جعلهم يتعاملون مع الجارة إيران بإرقى الأساليب وأجودها في الموازنة بين المطالبة بالحق المسلوب وفي نفس الوقت بناء علاقة ذكية مع طهران. ومع أهمية العلاقات الخارجية في استقرار الدول، إلا أن الأدبيات المتخصصة في هذا المجال، تؤكد على أهمية ما يجري في داخل الوطن، ودولة الإمارات ولله الحمد تُعد اليوم نموذجاً يحتذى به. والنجاح الذي تحقق على أرض الوطن للمواطن والمقيم، جعل الدولة تحظى بولاء الناس وتنال حبهم. ففي حلقة "زايد عبر لكل البشر" والتي شرفت بتقديمها في برنامج "خطوة" الاثنين الماضي، في ذكرى وفاة الشيخ زايد يرحمه الله، وصلتني أكثر من 100 رسالة من مواطنين ومقيمين تؤكد الولاء لهذه الدولة ونجاحها في تأمين متطلبات الحياة الكريمة للأجيال. ومع هذا فإننا نطمح في المزيد، وأن تحقق الإمارات في السنوات القادمة درجة أكثر تقدماً في مثل هذا التقرير، ولعلي أسلط الضوء على بعض المتغيرات التي تحقق المزيد من الاستقرار. من المهم جداً في المرحلة القادمة، ونحن نعيش زمن العولمة والانفتاح على الآخر الانتباه لولاء الجيل القادم لوطنه ومجتمعه. وهذا يتطلب إجراءات من مؤسسات مختلفة أهمها التربية والتعليم، والتي من الواجب عليها إعادة النظر فيما يقدم من مناهج مرتبطة بقضية الولاء وأهم من المنهاج من يقدم هذا المنهاج للتلميذ المواطن، أليس من التناقضات التربوية أن يقوم معلم لا ينتمي لهذا الوطن بتدريس مادة كالتربية الوطنية؟ وفي إطار غرس الولاء للوطن، تأتي أهمية المشاركة في اتخاذ القرارات الوطنية المهمة، ومن المحبذ البحث عن صيغ جديدة لإشراك المواطن في عملية صنع القرارات المصيرية. من الأمور المهمة في استقرار الوطن، تأتي قضية التنظيمات والولاءات غير القانونية، والتي تحركها أجندة خارجية في معظم الأوقات، فلا يوجد أخطر من إنسان يعيش معنا وانتماؤه الفكري وولاؤه للخارج وليس للوطن. وأخيراً- وقد يستغرب البعض من هذه النقطة- تأتي أهمية الاستمرار في فعل الخير، في تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الصادر 2009 تصدرت الإمارات الدول المانحة إقليميًا، حيث بلغ نصيبها من المساعدات 72% ، فالعمل الخيري والإنساني يحفظ الدولة من الشرور ويبارك لنا في الأمور.