سيظل المغفور له -بإذن الله تعالى- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان واحداً من أهم القيادات التاريخية الاستثنائية، ليس على مستوى الإمارات والمنطقة فحسب، بل على مستوى العالم أجمع، فأعماله -رحمه الله- وإنجازاته ستبقى محفورة في وجدان كل إماراتيّ وعربيّ. فالشيخ زايد -رحمه الله- وضع ركائز دولة عصرية قوية، وصاغ بحكمته وبعد نظره الأسس والثوابت التي مكّنت هذه الدولة من البقاء والتطوّر، وفي مقدمتها الإيمان الحقيقي بالوحدة السياسية، باعتبارها الخيار الوحيد لمواجهة أي تحدّيات أو مخاطر، ما جعل الإمارات تقدّم نفسها باعتبارها أهم التجارب الوحدوية الإقليمية، فقد استطاعت هذه التجربة السياسية الفريدة أن تواجه الصعاب والتحديات كلها، وأن ترسّخ أركانها، وأن تواصل مسيرة النهضة والتطوّر في المجالات كافة. وقدّم الشيخ زايد -رحمه الله- النموذج الحقيقي للقيادة التي تتفاعل مع هموم شعبها، وتحرص على تخفيفها، وكان لهذا أثره في بناء شخصية الإنسان الإماراتي وتوثيق هويته الوطنية وتوجيه قدراته ليكون شريكاً في عمليتي التنمية الاقتصادية والسياسية على حد سواء، فوضع بذلك الأساس الراسخ للعلاقة بين الحاكم وشعبه. ما تشهده الدولة من نهضة وتطوّر في مختلف المجالات، ويلمسه أفراد المجتمع جميعاً، مقيمون ومواطنون، على حدّ سواء، هو ثمار اللبنة التي أرساها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد، التي يواصل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- البناء عليها وتعزيزها، في مرحلة التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. لعل أهم هذه الأسس هو الاهتمام بالإنسان، فقد ركّز الشيخ زايد، رحمه الله، على التنمية البشرية‏‏ باعتبارها الثروة الحقيقية للوطن، انطلاقاً من قناعة راسخة بأنها هدف أي تنمية‏، ومحور كل تقدم حقيقي، وباعتبارها السياج الذي يحمي الاتحاد‏ ويدافع عن مكتسباته، وهذه الفلسفة هي نفسها التي ينتهجها صاحب السمو الشيخ خلفية بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في مرحلة التمكين الحالية، التي تعلي من دور المواطنين في إنجاز المشروع النهضوي للدولة. في هذا السياق أيضاً لم يغفل الشيخ زايد -رحمه الله- الاهتمام بالبعد الإنساني على الساحة الخارجية، وجعل ذلك محوراً رئيسياً ضمن سياسات الدولة، مرتقياً بقيم العمل الإنساني ومبادئه، كالتسامح والتضامن والتعاون ومساعدة الغير، بأن جعلها ضمن أولويات عمله، وحاثّاً أبناء دولتنا الحبيبة على التمسك بها. وتجسد مبادرة "زايد العطاء" التي تمّ إطلاقها عام 2003 هذه القيم بوضوح، فقد استطاعت خلال السنوات الماضية أن تستقطب ما يزيد على 30 ألف متطوع لإيصال رسالتها الإنسانية إلى 100 مليون عربي وأفريقي، وهذا ما جعل الإمارات دولة رائدة في مجالي العمل الإنساني والإغاثي. ثاني هذه الأسس هو ركيزة العلم والثقافة، باعتبارها أساس تقدّم الأمم وأساس الحضارات، ولهذا بذل المغفور له -بإذن الله تعالى- الشيخ زايد كل طاقته لتسليح الجيل الجديد بالعلم والمعرفة. وثالث هذه الأسس هو إيجاد المؤسسات القادرة على الوفاء بمتطلبات العصر، وهذه المؤسسات كما كان لها دورها المهم في مرحلة التأسيس، فإنها هي التي تؤدي الآن دوراً فاعلا، بعد تحديثها وتطويرها، في مرحلة التمكين. سيظل الشيخ زايد عنواناً ومرجعاً لكل من أراد نموذجاً يقتدي به في تحدّي الصعاب وبلوغ الآمال وترجمة الأحلام إلى واقع حقيقي، فالقيم والمبادئ التي أرساها ستظل نبراساً يهتدي به الآخرون، ومنهجاً يسير عليه القادة لبناء الدول العصرية الحديثة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية