لعل تأملات حازم صاغية حول الأزمة الإيرانية قد نفذت إلى عمق لم تصل إليه كثير من التحليلات التي تناولت هذا الموضوع مؤخراً. فما معنى أن تتحول الثورة من موقع المتحفز الطامح للانقضاض على مساحات خارج حدود سلطتها الرسمية إلى موقع المدافع عن وجوده المتقوقع داخل حدوده؟ وما معنى أن يصل نظام شمولي إلى حد من التشرذم يضعه أمام سؤال المشروعية والصدقية الأيديولوجية؟ وما معنى أن يأتي التصدع وينبجس التساؤل حول خيارات النظام ومشروعيته، من داخل النواة الصلبة لهذا النظام، أي من رموزه ومن كانوا إلى وقت قريب قادته وأصحاب القرار فيه؟ الجواب الوحيد على تساؤلات من هذا النوع، تدق في عمق المسألة الإيرانية، هو أن إيران اليوم باتت على مفترق طرق ليس لها فيه سوى خيارين بلا ثالث؛ إما أن تواصل نهجها التقليدي، وقد تبدت نتائجه ومآلاته جلية في شوارع طهران طوال عدة أسابيع، أو أن تختار الالتفات إلى بيتها الداخلي المتداعي فتعيد ترميمه قبل أن ينهار بالكامل! عزيز خيري –رأس الخيمة